٢٠٠٩/٠٥/٢٠

ثقافة المنع

يحب المجتمع الشرقي التحكم بحياة أفراده لدرجة العشق. كم كلمه ؛ عبره ؛ حكمه ؛ اسلوب مجازي وغيرها من الادوات اللغويه تؤدي الى المنع بالمجتمع العربي . حرام ؛ لايجوز ؛ مكروه ؛ غير مستحب ؛ غير مقبول ؛ عيب ؛ خارج المله ....الخ من ادوات المنع اللغويه التي يتم تبرير مشروعية معظمها بلا أساس منطقي بكثير من الأحيان . بهذا الموضوع سأحاول قدر الإمكان المقارنه فكريا بين ثقافة المنع المحليه وثقافة الحريه الدوليه .0
ثقافة المنع هي ليست فقط رجعيه بل قد تسبب مشاكل وكوارث لمجتمعاتها .
0

لنأخذ على سبيل المثال مسألة الكحول . بعيدا عن حكم الإعدام الذي فرضه الإسلام على صديقنا كحول الإيثانول لنسمع رأي من يسمون أنفسهم بالمتحررين ولماذا يعارضونه. يقول هؤلاء أن انتشار المشروبات الروحيه سيزيد نسبة السكارى وستحدث العديد من المشاكل والجرائم لأن الناس يفقدون صوابهم عندما يشربون .....الخ الخ كأنهم يصفون مشهدا لشخص ثمل بمسلسل خليجي رديء . مدمن الكحول فعلا هو شخص خطر على نفسه وعلى عائلته لكن السؤال يطرح نفسه هل المنع قد عالج هذه المشكله ؟ لنقرأ أخبار الجرائد اليوميه :0
أحبط الأشاوس محاولة إدخال 50 كرتون من المشروبات الروحيه .0
حادث سياره سببه سائق مخمور .0
مشاجره أحد طرفيها مخمور .0
وفاة بسبب شرب الكلونيا .0
واضح جدا أن مشاكل الكحول منتشره رغم عدم انتشاره الرسمي وفوق ذلك ظهرت على السطح مشاكل اخرى كالتهريب وحالات تسمم الكلونيا هذا كله يثبت أن المقوله المأثوره "كل ممنوع مرغوب" صحيحه. الكحول يعتبر منتجا ضارا نعم لكنه ليس المنتج الضار الوحيد فالتبغ أيضا بكل أشكاله يعتبر مضرا لصاحبه وللآخرين . بالمجتمعات المتقدمه صحة الإنسان وسلوكه القويم هي مسؤوليته هو بالدرجه الاولى لذلك حتى وان كانت هناك أشياء بالدنيا ضاره ويا أكثر هذه الأشياء لذلك من غير المعقول أن تسعى تلك المجتمعات الى المنع إلا ببعض الحالات القصوى . أسالكم سؤالا على نفس منطق مبدأ منع الكحول كم حالة وفاة بالكويت تحدث سنويا بسبب الدراجه الناريه (السيكل) ؟ هل من المنطقي أن نمنع هذه السلعه من التداول ونحرم اصحابها منها أم نحاول ايجاد حل وسط يضمن لهم حريتهم وسلامتهم بآن واحد ؟ من الطبيعي عندما نفصل الدين عن السياسه ان نتجه الى المنطق والسببيه لإيجاد حلول للقضايا الإجتماعيه وكلاهما المنطق والسببيه يدعوني كعقل انساني حر أن ارفض فكرة أن تستغل الدوله وضعها كدوله تربويه وتصبح دوله وصيه دينيا واجتماعيا .0

نأتي لقضيه أخرى واهم ألا وهي مفهوم العلاقه بين الجنسين . ما يحدث بدولنا بسبب الموروث الصحراوي الدخيل أقل ما يوصف انه كبت غرائزي وكما كان الحال مع الكحول جرائم ومشاكل الكبت الغرائزي تتصدر أخبار جرائدنا :0
اغتصب الأشاوس اسيويه .0
حادث سياره بسبب ملاحقة فتاة .0
مشاجره بسبب فتاة .0
خطف ؛ اغتصاب ؛ تلصلص ؛ تحرش بمكان عام ؛ تحريض على الفسق والفجور .....الخ .0
هنا نتوجه بالسؤال الى المجتمعات الشرقيه عموما ومجتمعنا خصوصا ونقول لماذا التهويل بموضوع العلاقه بين الجنسين ؟ نعم الشرق لن يصبح غربا ولن نرى اليوم الذي تجلب فيه الفتاة رفيقها "البوي فرند " الى المنزل أمام أفراد العائله لكن لماذا لا نحاول ايجاد حل وسط لهذه المسأله ؟ بكويت الستينات كان التعارف بين الجنسين عمليه تحدث تلقائيا بسبب الظروف المتوفره المناسبه بسبب ثقافة الإختلاط . ولا ينكر منصف ان العديد من الصداقات بين الجنسين بذلك الزمن تطورت الى زواج ناجح . وكي أبري ذمتي أنا لم اعش بتلك الحقبه ولست أعلن انها كامله لا تشوبها شائبه لكني سمعت ورأيت حصاد تلك السنوات الجميله . اكيد كانت هناك سلبيات لكن لا اظن أنها تقارن بسلبيات وضع العلاقه بين الجنسين اليوم . من الأمور التي كانت جميله بالسابق وقبيحه اليوم وضع المرأه المطلقه فهي كانت بالسابق انسانه لم تفقد فرصتها العاطفيه بالحياة اما اليوم بسبب امراض الهوس الجنسي أصبحت المطلقه انسانه غير مرغوبه ومذنبه فقط لأانها قد فقد عذريتها . العذريه أيضا قضيه شرقيه ظالمه فكيف نجعل جانبا فسيولوجيا بالإنسان مقياسا لشرفه وعفته ؟ بمجتمعنا يقولون "الريال شايل عيبه" وانا شبه متاكد ان صاحب هذه العباره كان يرى الموضوع من جانب جنسي وهذا طبيعي فالمجتمع ذكوري .من وجهة نظر العداله الإجتماعيه لا يوجد أحد "شايل" عيبه فكل صاحب عيب مسؤول امام نفسه وامام المجتمع مهما كان جنسه أو سنه . ان كان فقدان المرأه المطلقه لعذريتها عيبا فالرجل المطلق قد تكون فيه عيوب نفسيه ؛ اجتماعيه واحيانا فسيولوجيه اكبر بكثير من غشاء البكاره .0
نرجع لمحور موضوعنا الأساسي مره اخرى "ثقافة المنع" المستشرية ببلاد الرمال ونسأل هل هناك مجال للتغير الإنفتاحي ؟ يؤسفني القول أنني يوما بعد يوم بت اقتنع أن التغيير الرجعي أو الإنغلاقي هو تغيير غير عكسي . الكبت يولد الإنفجار كما يقال وفعلا نحن مجتمعات مكبوته غرائزيا وثقافيا بدليل أننا عندما نسافر يتصرف أغلبنا بشكل شاذ وغير حضاري عندما يتعامل مع جوانب الإنفتاح المفقوده هناك. المنع انتشر كثقافه ليس بسبب غباء الناس او رجعيتهم بل لأننا مجتمعات تشجع التفكير الشمولي وتلغي التفكير الفردي خصوصا عندما يتعلق الموضوع بالدين والعرف والعادات . والدليل على ذلك لاحظوا بمجتمعنا كيفية تعامل المسلم مع من يترك الإسلام أو تعامل الفرد العادي مع الفرد المثلي وغيرها من الفوارق التي يحاربها الدين والمجتمع فقط لأنها مختلفه . وهنا لا ينقض المجتمع الليبرالية أو العلمانيه فقط بل ينقض اهم الحقوق الإنسانيه البدهيه الا وهي حرية الإختيار .0
الدين بشكل عام لا يؤمن جوهريا بحرية الإختيار فهو عندما يصور لمتبعيه وجود حياة بعد الموت قد أجبرهم بنفس الوقت على اختيار معين مستغلا خوفهم من حقيقة الموت . لذلك يحق لي أن اسأل هنا أين حرية الإختيار ؟ عندما أركب مركبا وسط العاصفه ويقولون لي البس طوق النجاة كإجراء وقائي طبعا سأفعل لكن قبل ذلك لدي مطلق الحريه بإختيار أن لا اكون بذلك المركب بذلك الجو العاصف . طبعا اهل المركب سيغضبون ويثورون بسبب تجرأي التفكير بخيار آخر غير ركوب مركبهم وسيحاولون قدر الإمكان الضغط علي كي أكون معهم مستغلين كل الوسائل المتاحه لهم والغير متاحه سيجعلونها متاحه لا شيء يقف امامهم لا قانون دولي ولا أيدولوجيه فكريه .لهؤلاء أقول أنا آسف يا جماعه فأنا انسان بالنهايه وانسانيتي تمنحني الحق بالإختيار مهما كان اختياري بنظركم حراما أو عيبا يظل هو حقي المشروع الذي سادافع عنه . 0

ختاما أقول لمجتمع ثقافة المنع أن العالم كبير والمعايير الأخلاقيه الإنسانيه القياسيه هي فقط ما يجب ان يعمم ويطبق بالمقام الأول . ممكن اشتقاق معايير محليه من المعايير القياسيه نعم لكننا نرفض أن يناقض الإشتقاق الاصل لدرجة التعارض ونرفض أكثر أن يتحول الإشتقاق المحلي الى قياس وواقع يحقق لنا نتائج مخزيه حضاريا كثقافة المنع .
0

7 Comments:

Blogger rai said...

لأننا مجتمعات تشجع التفكير الشمولي وتلغي التفكير الفردي
=======

نعم عزيزي وهذا هو سبب تخلفنا ورجوعنا للوراء فالتفكير الشمولي اصبح علامة للعرب والمسلمين حتى ان بعض الذين كنا نرى بهم علامات التفكير الحر قد اتخذوا ذلك التفكير اساس لهم في بعض قضاياهم , ابرز الاثار الجانبية للتفكير الشمولي هو موت الابداع وايقاف التفكير وشل العقل نهائيا حتى يبرز المثل الكويتي "مع الخيل ياشقرى" جماله او يبدل الى "حشرى مع الناس عيد" فكلها تدل على حب الانقياد ومحاولة التهرب من اتخاذ القرارت فهي تكون جاهزة لدى العامة وخلاص , اما الحل الوسط الذي يحتاج لعلم الاحصاء والرياضيات والاجتماع والنفس والطب وكل العلوم الانسانية فهذا صعب برايي الشخصي على العرب بالوقت الحالي وليس استخفافا على بعض العقول المتعلمة بل على باقي العوام المخدرة .

٢٠/٥/٠٩ ١٤:٤٢  
Blogger Mohammad Al-Yousifi said...

أصبحت المطلقه انسانه غير مرغوبه ومذنبه فقط لأانها قد فقد عذريتها

i disagree

انا اشوف ان الرغبة لا باس فيها على المطلقات , يعني راحت سالفة اول ان الطلاق نهاية البنت

٢٠/٥/٠٩ ١٧:٠٨  
Anonymous غير معرف said...

أنا أؤيدك تماما فيما قلته عن مفهوم حرية الاختيار، حيث أنه لا وجود لحرية الاختيار ما دامت الاختيارات مسلوبة . أنا شخصيا لا أثق بمن يقول أن هناك طريقا واحدا فقط يؤدي إلى الجنة و الحقيقة ، حيث أن الواقع يقول أن هناك طرقا عديدة ، لذلك و كل طريق يتغنى به أصحابه على أنه الطريق الصحيح ، و هذا أحد أوجه التشابه التي وعبث عليها خاصة في الديانات السماوية الثلاث ، و إن كان مقدار التطور يختلف من دين إلى آخر بقلة حدة النظرة العنصرية إلى الآخر المختلف ... الحياة هي مجموعة من الخيارات ، و حتى لو حاول الناس أو الأديان حجب بعضها ، فإن الحياة تظل مجموعة من الخيارات "المتاحة" للجميع.

٢٠/٥/٠٩ ١٨:٤٦  
Blogger blacklight said...

عزيزي راي
مشكلة الفكر الشمولي ليس فقط انه لا يسمع الآخر بل يهاجمه . لاحظ بعض من يسمون أنفسهم ليبراليين ويتهجمون على من يختلف معهم ببعض الآراء هذه المشكله بالتنشئه الشرقيه وليس الفكر الليبرالي . أعرف كثيرا من الأشخاص لا يلقبون أنفسهم ليبراليي انفتاحيين الى أقصى الحدود لكن كلما قلنا لهم الغرب يغضبون وتأخذهم العزه بالدفاع عن الشرق بشكل أعمى .

العزيز مطقوق
true if your talking about affairs not marriage :P

عزيزتي black honey
كذلك أضيف على كلامك أن الاديان لا تعطي مجالا للإختيار بينها وان تشابهت بالمحصله النهائيه وهذا يعتبر أيضا انتهاكا لحرية الإختيار . قلتها من قبل أن من يسمي نفسه ملحد او لاديني بالعالم العربي هو شخص يقوم بخطأ منهجي كبير فهو لم يسمع وجهة نظر الديانات الاخرى سواء السماويه او الغير سماويه بالغرب من يدعي ذلك يكون على الأقل اطلع على 3 ديانات بشكل مفصل قبل إعلانه الإلحاد او اللادينيه. مداخله ولا أروع أشكرك

٢١/٥/٠٩ ١٠:٥٩  
Blogger جبريت said...

الحل الوحيد يا اختي شي واحد مع سياسة المنع

ننزل الى مستواهم الفكري ومع سياسة المنع ونسحب من نستطيع منهم الى الاعلى معانا حتى يضعفون ولا يتجرأون برفع حسهم بالمنع الي يريدون التوصل له

واتمنى تعطيني رايج بالمقاله الخيره الي كتبتها

http://kuwaitfreevoice.blogspot.com/2009/05/blog-post_21.html

٢١/٥/٠٩ ١٢:٣١  
Blogger Pure said...

مرحبا

برأيي
لو تم تحريم التدخين بدلاً من الكحول كان أفضل بكثير

المدخنين يضرون غيرهم
أما شارب الكحول فيضر نفسه فقط
وهو حر في اختياره

طبعًا أتكلم عن اللي يشربون "الزقرتية" مو المدمنين اللي يشربون ويفقدون وعيهم

أذكر مرة كنت أشوف حلقة من حلقات الدكتورة فوزية الدريع
اتصل واحد يسألها: ليش الخمر حرام إذا أنا وزوجتي نشرب حتى نستمتع؟
طبعًا ما كان عندها رد
سوى إن الإسلام حرّم شرب الخمر

مخ المسلم مقفّل
كيف يسمح لنفسه يفكّر
والتفكير من الأساس حرام في الإسلام

٢٤/٥/٠٩ ٢٢:٣٦  
Blogger AyyA said...

عزيزي بلاكي
لا يستطيع رجال الدين تحكيم سيطرتهم بدون الفكر الشمولي، هذا الفكر هو أساس كل الأديان و منه تستمد قوتها. الدين يعني الإستعباد الجماعي و الإستعباد يعني إلغاء الحقوق الفرديه، فطالما كان الفكر الفردي مواكب مع الفكر السائد في المجتمع الشمولي فهو ضمن الوتيره و مشجع لها حتي لو كان هذا الفكر مدمرا للمجتمع. أما الفرديه فهي خارجه عن العرف و خطره علي رجال الدين الساسه و به يخرج الفرد من سيطرتهم. و كلما زاد الفكر الأصولي في المجتمع كلما زاد محاربه الفكر الفردي و قلت فرص الإختيارات الفرديه. و الفكر الشمولي، علي عكس ما يروج له هو فكر هادم للمجتمعات، أما الفكر الفردي فهو السبيل للإبداع الفردي، و بجمعها تبني المجتمعات و تزدهر، و الأمثله أمامنا الكثير من الدول الإسلاميه و التي يفرض حكامها هذا الفكر علي الشعوب.
و لم تعد المسأله اليوم إختيار بالنسبه للفكر الفردي، فالمجتمعات الإسلاميه تزداد تخلفا و دمارا و العصبيات و القبليات تزداد حده مثل آجيج النار، قد تشتعل في أيه لحظه و تأكل معها الأخضر و اليابس. الفكر الفردي اليوم ضروره و ليس رفاهيه، فلا سبيل إلي نشر الوعي بين الجموع و التي يستمد منها رجال الدين قوتهم و تزداد بها سيطرتهم إلا بالفكر الفردي
شكرا عزيزي علي البوست الرائع

١/٦/٠٩ ٢٠:٠١  

إرسال تعليق

<< Home