٢٠٠٩/٠٩/١٣

عفوا يا إسلاميين هي لن تصبح إسلاميه

كنت ولازلت أقول أن الدستور الكويتي رغم وجود العديد من المواد الداعمه للمفاهيم المدنيه كالحريات بأنواعها و احترامه هو والحكومه الكويتيه لميثاق حقوق الإنسان ( طبعا هذا الإحترام على الورق وأمام الدول المتقدمه فقط أما الواقع فشيء مختلف تماما ) ليس سوى وثيقه متناقضه تتمايل بين المدنيه والثيوقراطيه . لذلك أنا اختلف وبشده مع ليبرالي الكويت ومنهم عميد الليبراليين الكويتيين استاذنا الكاتب عبداللطيف الدعيج عندما يصرحون بمدنية الدوله ودعمها للحريات العامه استنادا على الدستور الكويتي لسبب بسيط وهو أن التيارات الإسلاميه تستطيع ادعاء إسلامية الدوله أيضا استنادا على الدستور الكويتي . ولعل مقالة عبداللطيف الدعيج ورد الخبير الدستوري الحدسي محمد المقاطع عليها تعتبر مثالا صارخا على التناقض الذي أتحدث عنه .0

ولأنني كفرد لا أؤمن بشيء اسمه تقديس نصوص سواء كانت تلك النصوص دينيه أو دستوريه لذلك أرى ان هوية الدوله لا تعكسها تشريعاتها وقوانينها بل تعكسها عقول مواطينها وآرائهم . يدعي المقاطع وحدس أن الكويت دوله إسلاميه حسنا ان كان هذا الإدعاء صحيحا أنا اتحدى كل إسلامي أن يجد أغلبيه مؤيده لتطبيق الشريعه الإسلاميه بالكويت . فالشعب الكويتي وهنا أقصد الشعب الكويتي الملتزم بالهويه الكويتيه الأصليه و يؤمن بدرء الفتنه الطائفيه لن يقبل لا بتطبيق الحدود الشرعيه ولا بوجود هيئه للأمر بالمعروف والنهي .نعم هناك من يعانون من ازمة هويه وسيقولون نعم كردة فعل معارضه للتيار الليبرالي لكن هؤلاء المنافقين سيكونون اول الثوار عندما يصادر شرع الله حريتهم الشخصيه و يتحكم دراويش الدين بحياتهم .هؤلاء يشتمون العلمانيه والعلمانيين وقت الرخاء لكن وقت الفتن الطائفيه هم أول من يتباكى على الدوله المدنيه التي بسبب جهلهم الذي يحسبونه فكرا نجدهم مصرين على أنها ليست علمانيه .0

أحيانا أجد أنه فعلا شيء غريب أن أنادي بالعلمانيه والليبراليه بهذا الزمن . فالعديد من مواطني الدول المتحضره لا يعرف ماذا تعني هذه المصطلحات ففصل الدين عن الدوله والهويه المدنيه كانت مرحله انتقاليه للحداثه المعاصره التي نعيشها اليوم .0

الأفراد الغير محسوبين على التيار الإسلامي وبنفس الوقت معارضين للتيار الليبرالي قد يكون بعضهم قليل الإطلاع لكنهم ليسوا أغبياء . معظمهم يعاني من أزمة هويه فكريه فحيادهم الأعمى الذين يعتنقونه يوقعهم بتناقضات منهجيه وسلوكيه لا حصر لها .منعدمي الهويه و هلامي الفكر هم أشخاص فاقدون للثقه بالنفس لديهم مخزون كراهيه لا ينضب لكل ماهو مختلف عنهم سواء فكريا او عقائديا او اجتماعيا اوسياسيا لذلك من الطبيعي أن نجد هؤلاء يحاربون بكل دناءه عقلا مفكرا كالكاتب عبداللطيف الدعيج فقط لأنه مغترب . وبالمناسبه الإسلامي محمد المقاطع الذي ادعى بمقاله أنه لن ينزل الى مستويات متدنيه بالحوار نجده قد نزل الى القاع عندما تهجم على شخص الرأي الآخر وليس الرأي نفسه مستخدما الدناءه اياها.0

ليس دفاعا عن الدعيج فشاهدتي فيه مجروحه و لا احد يملك على ان يزايد على هذا الإنسان حبه لبلده واسهاماته الفكريه التي خدمت الفكر الليبرالي والوطني . منذ متى كان الولاء الوطني للشخص مرتبط بوجوده الفسيولوجي بالبلد؟ اغتراب الدعيج ببلد حر دليل على ايمانه بالفكر الليبرالي والحريات العامه وهو بذلك قد أثبت انه انسان صادق مع نفسه عكس المنافقين المغتربين الذين نجدهم بالمنتديات والمدونات لا يستطيعون حتى الكتابه باللغه العربيه عندما يطالبون بتطبيق الشريعه ويدعمون المتأسلمين بينما هم يعيشون بجنة الحريه الغربيه ويتمتعون بكامل حرياتهم بفضل النظام المدني العلماني .0

التيارات الإسلاميه بالكويت تدرك تماما أنه لا النظام السياسي ولا الشعب سيرضى بتحويل الدوله الى دوله إسلاميه . فنماذج الدول الإسلاميه القريبه منا والبعيده التي تمثل البدائيه البشريه والرجعيه هي سبب أكثر من كافي لرفض العموم للنموذج الإسلامي سواء كانوا ليبراليين أم لا . النظام السياسي بالكويت قد تكون فيه كل السلبيات لكنه قطعا ليس غبيا ولن يرضى أن يصبح البلد نزيلا دائما لقائمة منتهكي حقوق الإنسان كما هو حال جيرانه الإسلاميين وهو أيضا مدرك تماما أنه ليس من مصلحته أسلمة الدوله فسيطرة القوى الدينيه خلال 30 عاما مضت قد حولت البلد الى مسخ طائفي قبلي قبيح لا مكان للثقافه والإنفتاح فيه . لذلك لم أستغرب أن الحكومه بخطتها الخمسيه تود أن تحيي الجانب الثقافي ليس حبا بالليبراليه والإنفتاح لكن رغبة بتغيير صورتنا الأصوليه القبيحه أمام العالم .0

ان هوس الشعب بالهويه الدينيه قد ألغى الهويه الوطنيه لذلك أصبح مشهدا مؤلوفا ان نشاهد بالاخبار المحليه بشكل شبه يومي إعلان ندوه لشاوي غنم قادم من السعوديه مشبعا بالغلو والتطرف الصحراوي يسمونه عالم جليل . او تشييع مقتل ومأتم بمباركة خباز يرتدي العمامه قادم من ايران مشبعا بالطائفيه وأفكار حكم الملالي يلقبونه بحجة الله وآية الله ومعجزة الله . ان وجودنا بين قطبي الطائفيه بالعالم الإسلامي لم يهدم فقط هويتنا الوطنيه بل يلغي كل مفاهيم الوحده الوطنيه ودرء الطائفيه التي ينص عليها دستورنا .0

أن الدستور يا من تدعون حماية الدستور لم يدعو الى التفرقه بين الناس والهويه الإسلاميه أيها الخبير الدستوري الحدسي تفرق بين الناس على أساس اعتقادي هادمة أساسات الدوله وهي حقوق الإنسان والحريه والوحده الوطنيه . فهل تظن أن الشعب الكويتي مستعد أن يستبدل هذه الأساسات بالذي كسبته انت اصوليا من نصوص دستور متناقض ؟

8 Comments:

Blogger bunaz said...

صح لسانك

١٣/٩/٠٩ ١١:٣٦  
Blogger Hamad Alderbas said...

عزيزي بلاك لايت

اتمنى مرورك على مدونتي فقد انتهيت من كتابة موضوع عن ذات الشأن ويهمني تعليقك عليه .

بالنسبة للدستور الكويت , فهو رائع رائع رائع بالرغم من الملاحظات المسجلة عليه وسأقول لماذا ..

من خلال نقاشات اعداد الدستور والمجلس التأسيسي , سيتبين بأن اساس الدستور هو المدنية لا غير بالرغم من الاتفاقات التي جرت , الدستور يحمي الحرية والمساواة ولا يحمي القوانين المأخوذه عن الشريعة , والادلة كثيرة تبدأ عند اجتهاد واضعي الدستور لتحديد تأثير الشريعة على المادة الثانية ولا تنتهي عند المادة التي ترفض التنقيح ان لمن يكن للمزيد من الحريات .

وعلى ذلك , فإن الدستور قد وجد كصيغة قابلة للتطور , وبنفس الوقت هي صيغة غير قابلة للتراجع .

اعود للاشكاليات الموجودة بالدستور

قل لي

ما الفرق مابين ان تنص المادة الثانية على
الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي بالتشريع

وبين

المسيحية مصدر رئيسي بالتشريع

وبين عدم ذكر لا الشريعة ولا المصادر المسيحية

طبعا لا شيئ , لأن وجود النص مثل عدمه , وبالتالي فإن هذا النص بصورته الحالية اتى شكلي للخروج من الخلاف الذي جرى بالنتيجة التي ترضي الخبير الدستوري وبالنتيجة التي قبل بها المتمسكين بنص الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي بالتشريع .

بقيت الملاحظة التي تتحدث عن عربية الدولة وهي ايضا شكلية وان كانت خاطئة الا انها اتت متناسبة مع افكار وظروف تلك الحقبة الزمنية , وهي ايضا قابلة للتنقيح .

كل شيئ قابل للتنقيح وكل الاخطاء قابلة للتغير وللالغاء الا التي تتعلق بالحريات .

ولذلك اعتقد بأن الدستور فعلا رائع والمشكلة الرئيسية بالممارسة الشعبية وبالايمان بالمبادئ الدستورية واهمها العدالة والمساواة والتعايش السلمي والحرية وغيرها .

تحية لك زميلي العزيز

١٣/٩/٠٩ ١٢:٤٦  
Blogger Mohammad Al-Yousifi said...

نعم الدستور محتاج الى تغيير

لكن في الوقت الحالي التغيير سيكون للخلف و سلبي


لذلك نتمسك بما لدينا , عالاقل فيه ريحة عصر النهضة

١٣/٩/٠٩ ١٣:٢٠  
Blogger blacklight said...

الغالي بوناز
شكرا لدعمك

الغالي حمد
قرأت موضوعك المتميز وعلقت عندك سأغطي السؤال الذي سألتني اياه
كما تفضلت عزيزي أنا متفق معك أنه لا يوجد فرق لكن هذا لو كان لديك شعب منصف . لكن بالحقيقه شعبك يعشق شيء اسمه سحق الأقليه بإسم الأغلبيه . وبسبب ذلك ستظل الماده الثانيه مصدر تفرقه عقائديه ومذهبيه . ما ذكرته هو حقيقه وأذكر أن د. أحمد البغدادي قال الشيء ذاته وهو أن الماده باكملها جاءت شكليه من أجل ارضاء الأطراف الإسلاميه فالدستور قابل للتعديل بسبيل المزيد من الحريات وليس بسبيل الأسلمه كما يدعي الإسلاميين .
هذه وجهة نظري عزيزي والبقيه تجدها بتعليقي في موضوعك.

الغالي مطقوق
أتفق معك الدستور ولو على الورق هو صمام امان حقوق الإنسان الوحيد بدوله يرأس لجنة حقوق إنسانها البرلمانيه الطبطبائي وجمعيات حقوق انسانها النشطه هدفها فقط دعم ارهابيي غوانتانامو

١٣/٩/٠٩ ١٣:٤٣  
Blogger Zaydoun said...

المشكلة الأكبر في نظري هي عدم إيمان السلطة بالدستور، فلو كانت السلطة متمسكة به لما تجرأ الإسلاميون عليه

١٣/٩/٠٩ ١٥:١٠  
Blogger SHOOSH said...

إقضب دستورك لا يجيك دستور أخس منه

١٣/٩/٠٩ ٢١:١٩  
Blogger أهل شرق said...

أشارك الاخ زيدون الرأي

المشكلة في السلطة وأسرة الحكم

بالذات في عدم الالتزام بالدستور

وتطبيقه

١٩/٩/٠٩ ٠٣:٤٩  
Blogger أهل شرق said...

والعيد عليكم مبارك وسعيد

٢٠/٩/٠٩ ١٩:٣٥  

إرسال تعليق

<< Home