٢٠٠٩/١٠/١٣

العلمانيه بين التبشير والتنظير 1

العلمانيه من ناحيه شموليه تعتبر منهجا يعتمد على الإستدلال الفكري المحايد وهذه الخاصيه نجدها أيضا بمنهج العلوم البحته فالمنهج العلمي يعتمد على الإستدلال البحثي المحايد . وكفرد يعمل بمجال العلوم البحته أرى أن العلمانيه عندما تستخدم للتشريع العادل بشكل انساني محايد فهي لا تقل صدقا ونزاهه عن المنهج العلمي . فبكلاهما العلم والعلمانيه تتكرر أسئلة لماذا وكيف . لا يوجد جواب واحد صيغته "يجب لذلك" بل هناك اجوبه ملتزمه بصيغة " بسبب كذا وكذا وعلاقتهم بذاك نصل الى نتيجة لذلك" و "ذلك" محتمله للخطأ او الصواب لا يوجد شيء مطلق ولا توجد محدوديه .العلم يتعامل مع نتائج ملموسه كذلك المطالبه بالعلمانيه مبنيه على نتائج ملموسه.0

عندما نقول نريد علمانيه فأننا سنسطر عشرات النماذج المتحضره التي تعتبر قياسنا الذي يحثنا على هذا المطلب وهذه النماذج لا ينكر القاصي والداني مدى نجاحها وتحضرها فهي واضحه وضوح الشمس . وبدلا من تضييع الوقت بمدح التحضر العلماني سواء بالشرق أو الغرب نكتفي بالقول انها وحدها العلمانيه توفر نموذجا لدوله مدنيه تعامل مواطينها بحياد عقائدي . أما نموذج الدوله الإسلاميه التي يدعو اليها اهل التيار الديني فهو نموذج غامض لا يوجد أي اتفاق عليه بين الإسلاميين انفسهم فبعضهم يخاف من مواجهة دكتاتورية الحكم الوراثي مستندا على مفهوم طاعة ولي الأمر وبعضهم يريد انقلابا وخلافه كالتي كانت بالأزمنه العباسيه والأمويه. بعضهم يقول نريد ديموقراطيه وليس شورى .بعضهم يتنصل من ممارسات الدول المطبقه للشريعه الإسلاميه المجاوره ويصر على أن تطبيقه للشريعه لن يكون ذي طبيعه قمعيه تنتهك الخصوصيات والحريات .بعضهم يؤمن بالجهاد والتطرف وبعضهم يريد السلم والوسطيه .0

ترى المجتمعات الثيوقراطيه كمجتمعاتنا بالعلمانيه تهديدا للهويه الدينيه وانا لا أنكر وجود ذلك التهديد ليس لأني أريده بل لأن الهويه الدينيه لا تعرف خيارات ولا تريد أن تدخل بحر الإستدلال الفكري لأنها ستغرق فيه . لذلك هي تراهن على التنشئه الذهنيه والتلقين الإجتماعي بتعبير أقسى غسيل المخ والرقابه القمعيه .0

أنا ضد الطرح التبشيري سواء كان ديني او لاديني وأرى ان العلمانيه يجب ان تقف محايده تجاه هذه القضيه . فقضية الإيمان من عدمه هي قضيه نسبيه لا يوجد فيها جانب مطلق . فمن يؤمن هو يؤمن بغيبيات ومن ينكر وجود هذه الغيبيات لا يملك دليلا على انكاره لها . اذن قضية الإيمان لم تصل بعد الى مرحلة الإستدلال الملموس لا من الناحيه الفكريه ولا من الناحيه الماديه فكيف نستدل من دون دليل ؟ وكما صاحب الغيبيات غير مطالب بتوفير دليل ملموس كذلك ناكرها غير مطالب بذلك . هذه بنطري حرية الإعتقاد التي لن تتحقق إلا بتوفير حرية الرأي وليس كما هو حاصل هنا يحمون الرأي الديني من ما يسمونه بالإزدراء ليخرسوا الرأي اللاديني.0
وكي لا يكون هذا المقال طويلا مملا قررت تجزئته نراكم بالجزء القادم .0
تحديث هام
بعد قوانين الساعه 12 وفرض الحجاب على السياسيات او من تفكر أن تصبح سياسيه والقادم أسوأ . هل اقتنعتم أخيرا أن الإسلاميين لديهم أجنده فكريه بينما أنتم مشغولون بآخر الصرعات السياسيه كما ينشغل الشباب بصرعات الفيس بووك والبلاك بيري ؟ كل مخاوفي تحققت لكني لم اكن اتصور أنها ستحقق بهذه السرعه . ازعجتكم وكرهني الكثير منكم بسبب مقالاتي التي انتقدت فيها سلبية الليبراليين وانعدام المنهجيه لديهم لكن اليوم أتمنى أنكم أخيرا قد فهمتم دوافعي ومخاوفي التي حثتني على ذلك الطرح عموما الأوان لم يفت بعد وطالما كانت هناك اراده سيكون هناك تغيير أتمنى من كل أصحاب الشأن الجاديين التآلف قبل التعاون بسبيل ايجاد مخرج من هذا النفق المظلم وسنكون دوما معكم.

5 Comments:

Blogger Mohammad Al-Yousifi said...

التبشير غير ضروري , الا في حالة ان الطرف الآخر يبشر , لذلك ندخل في سباق منو يبشر اكثر

١٣/١٠/٠٩ ١٥:٠٦  
Blogger blacklight said...

عزيزي مطقوق
فعلا هو سباق لكني أراه سباق غير متكافئ والجزء القادم من المقال سأبين هذا الجانب .

١٣/١٠/٠٩ ٢١:٠٥  
Blogger AyyA said...

تسجيل متابعه و إنتظار للجزء الثاني
تحياتي

١٤/١٠/٠٩ ٢٠:٤٠  
Blogger الكويت said...

مااقول الا اه اه يالقهر بس الوضع من سيء الى اسوا ,السعوده قاااادمه
مقال رائعه بلاكي وبنتظار التكمله:*

١٥/١٠/٠٩ ٠٢:٢٣  
Blogger blacklight said...

غاليتي آيا
شكرا لك وأتمنى أن يعجبك الجزء الثاني

غاليتي الكويت
بوجودكم لن نفقد الأمل :)

١٥/١٠/٠٩ ١٠:٣٧  

إرسال تعليق

<< Home