٢٠١٠/٠٦/٠٥

ماذا تريد الأصوليه أكثر من هذا؟

بالعالم العربي كما قلت سابقا لا شيء أفضل من الديموغاجيه للحصول على دعم الجماهير خصوصا اننا نتحدث عن جماهيير تحركها العاطفه لا العقل . اليوم لا يوجد منافس يجاري ديموغاجية التيارات الأصوليه التي تستغل أي حدث سواء كان سياسيا أو اجتماعيا للتكسب وخلق بطولات زائفه من ورق . المشكله ليست فقط عاطفة الجماهير العربيه بل بالقواعد الخاضعه لهيمنة الأصوليين وهذا كله لا يترك مجالا للشك أن الاجنده الأصوليه ماضيه تشق طريقها بكل قوه لكن بمنهج مراوغ ماكر يستغل كل ما تطال يده سواء كان انتماءا قوميا ؛ اجتماعيا أو طائفيا . من الصعب جدا مواجهة الأصوليه ليس لأنها متماسكه بل لأنها تنافس وفقا لقوانينها وقواعدها المتحيزه المزروعه بعقول أهل مجتمعاتنا .

لم أرى بحياتي تدليسا مثل التدليس التي تمارسه التيارات الأصوليه العربيه . تنصب نفسها حليفة الديموقراطيه ومخلصة الشعوب من كل الهموم والمشاكل وبنفس الوقت لا تملك أي أدبيات ديموقراطيه تحترم الحريات . ظلت الدهر كله تزايد على الصراع العربي الإسرائيلي للتكسب السياسي الرخيص بغرض السيطره وفرض الهيمنه مصورة للعاطفيين المغلوبين على أمورهم أنها شجاعه غير متخاذله وسترجع الحق العربي الإسلامي بقوة الجهاد الديني . تهاجم كل تغيير ثقافي بالمجتمع بتهم البدع والإنحلال المعلبه ثم وبكل ما تملك من تدليس تأتي وتقول حالنا مزري ونحن متخلفين لأننا لا نطبق الدين! . ودعوة تطبيق الدين ذاتها مليئه بالشبهات والإستفهامات لا يتقبلها العقل فالدين الذين يريدون تسويقه اليوم ليس دين حضارة العباسيين وليس دين تسامح وانفتاح جمال البنا واياد جمال الدين بل دين منقسم على نفسه نصفه سني مغلف بكراهيه المشايخ ونصفه الآخر شيعي مغلف بدجل الملالي .أتحدى أي انسان يدعي العقلانيه والحياديه أن يستمع ولو لدقيقه واحده لبرامج القنوات الدينيه الفضائيه دون أن يشعر بالغثيان من الهراء الذين يريد تسويقه هؤلاء المشايخ لعقول مشاهدين ومستمعين اختاروا الجهل وتغييب العقل منهجا لحياتهم.

حتى تهم الأصوليين مشبعه بالتدليس مثل تهمة "كيف يتباكى الليبراليين على الحريه وبنفس الوقت هم المسيطرين على الإعلام " هنا أسأل سؤالا منطقيا من نصب علينا مفهوم الرقابه بالإضافه للسلطه السياسيه أليس الأصوليين وتحوليهم لكل ماهو متعلق بالدين لمقدس وخط أحمر لا يمس ؟توجد حدود للرقابه السياسه تصل الى الرؤساء والملوك بالعالم العربي لكن حق النقد العام لمكونات النظام السياسي من تشريع وتنفيذ وقضاء بمعظم الدول العربيه مكفول.رقابة الأصوليين على الدين ليست فكريه فقط بل إعلاميه ؛ اجتماعيه ؛ سياسيه ؛ علميه ...الخ لدرجة أن الفرد بهذه المجتمعات أصبح تحت التهديد والبلطجه حتى ان تجرأ على التفكير بكسر هذه الرقابه التي تحولت الى مسخ قبيح يلغي العقل . هناك من يقول هل سنتطور فقط عندما ننتقد الإسلام؟ لا يا ساده لن نتطور فقط عندما ننتقد الإسلام لكن التخلف أن يستخدم الإسلام كوسيله لإلغاء مبدأ النقد ؛ الإختلاف ؛ التعدديه وغيرها من القيم الفكريه اللازمه لتحقيق عملية التطور .

نرجع الى موضوعنا وكما جاء في عنوانه ماذا تريد الأصوليه أكثر من هذا؟ لو انتهى الصراع العربي الإسرائيلي و انتهت الدكتاتوريه السياسيه بالعالم العربي هل ستكون هناك مطالب أخرى للأصوليه ؟ الأصوليين يدركون تماما أن الوصايه مرفوضه اليوم بزمن تقدم تكنولوجيا الإتصال المعرفي لذلك هم يحاولون تمييع أجندتهم كما فعل البعض هنا بالكويت عندما أطلق على نفسه حامي حمى التنميه والإصلاح .لا نخدع أنفسنا فالأصوليه ليست أيدولوجيه حداثيه والدليل أن كل نماذج الدول الإسلاميه الموجوده اليوم هي نماذج رجعيه متطرفه لذلك عندما تنتهي مسرحية المزايده على الصهاينه ودكتاتوريه الأنظمه العربيه السياسيه سيتحول الممثل الأصولي الى جلاد يجلد بلا رحمه كل ما تطال يده. من أغبى أهداف الأصوليين وأشدها سذاجه مطالبة عودة دولة الخلافه العظمى . من يطالب بالتغيير يجب أن يراعي بأول المقام أن يكون ما يريد تغييره شأنا عكسيا خاضعا للتغيير وهذا لا ينطبق بتاتا على وضع دول عالمنا اليوم . الخلافه كانت جزءا من حقبه سياسيه انتهت بلا رجعه ومستحيل عودتها بمجتمعات دول عالمنا اليوم المتباينه ليس فقط بسبب الحدود الجغرافيه بل حتى فكريا وثقافيا رغم وجود بعض القيم المشتركه كاللغه والدين .العالم كله متجه الى الإنقسام الداخلي بالعديد من الأقطار والدول فعن أي دولة خلافه عظمى يتحدث هؤلاء ؟! متابكي الإستعمار آن الاوان أن يمسحوا دموعهم ويتعاملوا مع هذا الواقع الذي ليس بجديد أصلا . انتهينا من حلم دولتهم العظمى ماذا تبقى لهم ؟ السيطره السياسيه وهذا شغلهم الشاغل اليوم فبعد الزواج الكاثوليكي مع الحكومات التي كانوا لوقت قريب أبواقا لها تحت راية طاعة ولي الأمر اصبحوا اليوم المعارض الصنديد المزايد على الحريات السياسيه والنهضه التنمويه .بقي السؤال الأخطر ماذا بعد السيطره السياسيه ؟ اتوقع ان اجابة هذا السؤال واضحه بمطالبات مشايخهم التي نقول اليوم انها من المستحيل أن ترى النور.

بالختام أقول يا شعوب العالم العربي استيقظوا انهم يكذبون عليكم وكذبهم سيتحول لا محاله الى واقع جديد يلحق الضرر بالجميع . خذوا العبره من ايران التي كفر شعبها بالحريه السياسيه يوم اختار ثورة الملالي الرجعيه التي وعدته بالحريه السياسيه ثم قمعتها كما قمعت باقي الحريات . لا تقولوا هؤلاء شيعه وفقهنا مختلف النماذج السنيه بنفس المركب ان لم تكن أسوأ كما هو حال طالبان فالأصوليه واحده لا تعرف دينا أو طائفه .

6 Comments:

Blogger AyyA said...

الحبيب بلاكي
شكرا لهذا الموضوع القيم و لي بعض الإضافات
إقتباس
"من الصعب جدا مواجهة الأصوليه ليس لأنها متماسكه بل لأنها تنافس وفقا لقوانينها وقواعدها المتحيزه المزروعه بعقول أهل مجتمعاتنا ."
إنتهي الإقتباس

بمعني آخر هي مسيطرة تماما علي العقول لأنها إسلوبها يعتمد علي العاطفة و ليس العقل و الفكر الحكيم.

إقتباس
"لم أرى بحياتي تدليسا مثل التدليس التي تمارسه التيارات الأصوليه العربيه . تنصب نفسها حليفة الديموقراطيه ومخلصة الشعوب من كل الهموم والمشاكل وبنفس الوقت لا تملك أي أدبيات ديموقراطيه تحترم الحريات ."
إنتهي الإقتباس

الغاية تبرر الوسيلة عند هؤلاء. و هي تستغل الديموقراطية كما إستغلت الدين كوسيلة. فحلفها للديموقراطية إنما هو وسيلة لتصل إلي مبتغاها، فالأصولية ليس لديها إلا غاية واحدة و هي فصل المجتمعات عن السياق العالمي الخارجي ليسهل التحكم بها. الأصل هو هنا الطمع و الجشع و حب التملك و السيطرة، و للوصول إلي هذا المبتغي لا يهم ما هي الوسيلة. و آخر شيء ممكن أن تدعوا له هو الحريات. فالحرية الفردية تقتلها في الصميم لأن نهجها مغاير لنهج الأصولية المعتمد علي الكلية أو
totalitarianism

إقتباس
"نرجع الى موضوعنا وكما جاء في عنوانه ماذا تريد الأصوليه أكثر من هذا؟ لو انتهى الصراع العربي الإسرائيلي و انتهت الدكتاتوريه السياسيه بالعالم العربي هل ستكون هناك مطالب أخرى للأصوليه ؟"
إنتهي الإقتباس

لهذا السبب بالذات أنا أعتقد أن الأصولية لا يهمها حل القضية الفلسطينية، بل هي تريدها هكذا معلقة حتي تظل تستفيد منها عاطفيا. و ستظل القضية معلقة، و ليست الأصولية هي الكينونة الوحيدة التي لا تريد للقضية أن تنتهي، بل أن جميع الأطراف المعنية، سواء الإسرائيلية أو العربية مستفيدة من الوضع الراهن و لذا فالقضية لن تنتهي و سيظل إستنزافها، كله علي حساب الشعب المنكوب و الذي أعطي قيادة أمره لجلاديه.

تحياتي

٦/٦/١٠ ٢٣:٠٢  
Blogger blacklight said...

غاليتي آيا صباح الورد والخير :)

تحرير العقول يعتبر من اهم اسباب استمراري بالكتابه وكل نقدي وآرائي الذين جعلوا البعض يخلفوني عدوا لهم من عدم وهم لا يعرفوني ولا يعرفون تفكيري يصبون بهذا الإتجاه.

اما بالنسبه للسيطره فهذه فكره رائجه بين معظم التيارات السياسيه حتى القبليه والتي تسمي نفسها وطنيه . بات الناس شغوفين بالنجاح والبهرجه السياسيه يتصورون ان الديموقراطيه ستحقق المساواة التي تحقق مصالحهم الشخصيه .

الصراع العربي الإسرائيلي كما تفضلتي لن ينتهي والتعليق لا يستفيد منه الأصوليين فقط بل حتى عوالق ورواسب القوميين الذين يعتبرونها الشريان لبقاء فكرهم الدكتاتوري على قيد الحياة.

تحياتي لك (F)

٧/٦/١٠ ١٠:٣١  
Anonymous غير معرف said...

مساء الخير...
أظنني أتفق معكما فيما يخص القضية الفلسطينية. فعلى مدى أكثر من ستين عاما من المحاولات العسكرية و غير العسكرية لتحرير الأراضي الفلسطينية من قبضة إسرائيل ، لا يوجد مبرر للعجز عن تحقيق أي تقدم ( بل تتراجع الأمور إلى الوراء ) إلا أنه لا توجد رغبة ربما حتى عند العرب المجاورين لفلسطين ، على المستوى السياسي بأن تكون هناك دولة مستقلة اسمها فلسطين . لم تكن القضية الفلسطينية على أية حال واضحة بالنسبة لي ، و أصبحت الآن جزءا من اهتماماتي أحاول القراءة عنها و فهم تاريخها ، و مع ذلك لا أعتقد أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو معجزة ، فلماذا لم يحدث هذا الأمر حتى الآن؟ على أية حال ، قد يظهر هذا الخذلان ، مقصودا أم غير مقصود من ما ستؤول إليه أحوال غزة بعد أن تتراجع أزمة أسطول الحرية ؟ هل تغلق مصر مجددا معبر رفح؟ هل تعود تركيا إلى سابق عهدها مع إسرائيل؟ و هل سنسمع الأعذار نفسها من العرب و غيرهم ( خاصة و قد صار غير العرب أيضا يحاربون معنا ، أو يحاولون بالأحرى بسط نفوذ علينا)؟

٧/٦/١٠ ٢٠:٥٩  
Blogger blacklight said...

عزيزتي بلاك هوني صباح الخير والورد :)

بما أنك شخص أثق تماما بموضوعيته وحياديته أنصحك بقراءة هذا الكتاب
http://www.amazon.com/Myths-Facts-Guide-Arab-Israeli-Conflict/dp/097129450X

طبعا بكويت التخلف وقمع الفكر لن تجدي هذا الكتاب لكن ان حصلت لك الفرصه وسافرتي الى دوله توجد فيها مكتبات متميزه على شاكلة
barnes&noble, boarders , kinokuniya
قد تجدينه واذا كنتي مهتمه جدا وقررتي أن تطلبينه الله يعينج على رقابة الإعلام الجمركي وتحديدا موظف الإعلام الباكستاني الإرهابي اللي مخلينه يحدد شنو نقرى ونشوف من مصنفات إعلاميه تدخل البلد.

ملينا ونحن نسمع الآراء القوميه الإسلاميه بموضوع الصراع العربي الإسرائيلي ومن باب الإنصاف يجب سماع رأي الطرف الآخر .على فكره هذا الكتاب متحيز لإسرائيل لكن أسلوبه منطقي قائم على ذكر الحقائق مو نفس الطرح الغوغائي المنتشر بالعالم العربي ومناهجه التعليميه .

أكرر وأقول انا لا يهمني الصراع العربي الإسرائيلي ولأنه ديني تحركه مشاعر الغوغائيه والديموغاجيه سواء كانت اسلاميه أو يهوديه فأنه لن ينتهي .

تحياتي لك

٨/٦/١٠ ٠٨:٣٧  
Blogger rai said...

"وتحديدا موظف الإعلام الباكستاني الإرهابي اللي مخلينه"

هههه والله محد مبرد جبدي غيرك :)

هم ليسوا فقط يكذبون بل امتهنوا الكذب حتى اصبحوا محترفين وصارت لهم محتكرة , الشعب ايضا يحب ذلك فالكذب هو الافيون الذي يجعله سعيد بحياته وينتظر حسن خاتمته فالشعب ان اراد الحياة فبلا بلا بلا بالنسبة لمواطنين القطر العربي الكبير بالاسم فقط , مللنا كذبا ومللنا صياحا ومللنا نفاقا ومللنا تهكما فاصبحنا دول ذات بؤس ونكد فكل مافيها كما الكرتون والمسرحيات حبكا لمستوى الجمهور او كما تقال بالوسط الفني "الجمهور عايز كده" صديقي وعزيز بلاك لايت نيتك بتحرير عقول هؤلاء الاصنام والذين هم اضل سبيلا لن تفلح ما دام هم لن يغيروا بانفسهم بالنسبة لي انا ادعمك حتى النهاية لكن ان اخطوا خطوة لانتشالهم من الغرق فهذا يحتاج تفكير عميق حتى اتخلص من العاطفة التي اجتاحتني :)

بلاك لايت تكفه يوز من هسوالف احس انه الصلع قام يقرب :)

٨/٦/١٠ ٢٣:١٨  
Blogger blacklight said...

صديقي الغالي راي
good after noon
عندنا وعندك خير انت بديت تصلع وانا بدأ الشيب يفتك بشعري :)

شكرا لدعمك الصادق وسنستمر الى ان نصلع ونشيب على الأقل نصلع ونشيب نصرة لأفكار ومبادئ وليس نصرة لجعجعه سياسيه بلا طحين .

٩/٦/١٠ ١٤:١٥  

إرسال تعليق

<< Home