٢٠١٠/٠٢/٢٦

السباحه عكس التيار 4

مقدمه
سلسلة مقالات "السباحه عكس التيار" تمثل فهمي الخاص لمبدأ النقد الذاتي وهو أننا لن نتقدم أو نصلح إلا ان اتبعنا مفاهيما فكريه قياسيه تدير شؤوننا وأمورنا بناء على معايير وقيم حضاريه متجرده موضوعيه لا تعرف المجامله او التملق ان كنا سنراعي شيئا فهو عقول الآخرين؛ كراماتهم وحقوقهم الادبيه .0

المجتمع العربي هو مجتمع متخلف فاقد القدره على الإبداع والتقدم ليس لأسباب سياسيه كما يسوق أصحاب نظريات المؤامره والإستعمار بل لأسباب فكريه بحته فهو مجتمع تم تزويده بمعطيات باطله تدفعه للوصول الى نتائج أكثر بطلانا . من أسوأ المفاهيم المترسخه بعقلية الشعوب العربيه هو مفهوم كمالية الماضي الذي هو نتيجة تقديس وتبجيل التاريخ الإسلامي ونشر ذلك عن طريق التعليم والإعلام. لذلك شيء طبيعي أنه عندما تتناقش مع احدهم بأي شأن سواء كان دينيا أو غير ديني سيجاوبك تلقائيا بزمن الرسول والصحابه كان ذلك أفضل لأن ذلك العصر هو العصر الذهبي المثالي ! هنا نحن نتسائل تساؤلا مشروعا لو كان ذلك العصر فعلا ذهبيا كما هم يدعون اذن لماذا نحن اليوم متخلفين مقارنة بكل شعوب الآرض ؟ من يدعي المعرفه وهو لا يملكها هو كذاب نفس الشيء ينطبق على هؤلاء الذين ياتون اليوم ويتكلمون بلا سند علمي او تاريخي منطقي بكل ثقه عن زمن كأنهم عاصروه وعاشوه .0
عندما عززت الأيدولوجيه الإمبراطوريه اليابانيه بالفرد الياباني مفهوم انه الأفضل لتحقيق أهداف عسكريه توسعيه كان ذلك بناءا على منهجيه عقلانيه حققت للشعب الياباني الأفضليه بشتى المجالات بذلك الوقت مقارنة بالشعوب المجاوره الآسيويه ليس لأنه ولد يابانيا او انه يؤمن بالشنتو بل لأنه شعب يترجم أفضليته على واقع ملموس مستخدما كل الطرق والوسائل بتحقيق ذلك . فاليابان قبل الحرب العالميه لم تكتفي بإستيراد التكنولوجيا العسكريه الغربيه بل حثت ابنائها على تعلمها والإستفاده منها لتحقيق غاية الأفضليه العسكريه التي توقفت مع سقوط القنبله الذريه عليها.0

ذكري للنموذج الياباني هدفه توضيح ان التقدم البشري لا يعني بالضروره نشر القيم والأفكار الغربيه كما يسوق معارضي التنوير والإنفتاح الذين لا يعرفون غير اتهامات التخوين ؛التغريب والعزف على وتر القوميه .ادراك اليابانيين لتأخرهم كان خطوتهم الأولى بمسيرة الألف ميل التي نراهم اليوم بطليعتها . هذا الفرق بين امتهم امة العمل والإنضباط وامتنا امة الشعارات والغوغائيه .امتنا تتصور ان العالم متآمر ضدها لذلك تراها غير مرتاحه بالسلم والسكينه فقط تستنكر وتصعد ضده عندما تعارض انسانيته وحشيتها ويعارض تقدمه رجعيتها .0

كنا بالأمس نحصر تخلف الأمه العربيه بتحالف السلطه السياسيه مع القوى الاصوليه الذان اتفقا على التحكم بالبشر وتهميش عقولهم اليوم بزمن الإتصالات والمعلوماتيه لا يسعنا إلا لوم العوام الذين بكل جهل وبلا وعي يتصورون ويسوقون أوهام المجد الذي سيتحقق بحال عودتنا الى الجذور وسيطرة الأصوليه الدينيه الشامله على كل مقاليد أمورنا.0

وعلى ذكر الأمه نحن نعاني من ازمه فكريه اخرى تتمحور حول مفهوم تهميش الفرد وتقديس الجماعه . هذا المفهوم لا يلغي فقط التميز والإبداع بل يشجع على الإقصائيه .انا مثلا على المستوى الشخصي احس أنني فكريا ووجدانيا مقيد لأني أفكر بطريقه مختلفه عن طريقة المجموعه التي تتحكم بمصيري . هذه المجموعه لا تملك قيما او معاييرا تجعلها مؤهله كي تقرر كيف أعيش أنا والأسوأ من ذلك انها بإستغلال قوتها ونفوذها تخالف نظمها وقوانينها التي تفرضها علي وتلزمني بطاعتها. وهذا واضح جدا بمجتمعاتنا وضوح الشمس ولا اتوقع اني بحاجه لذكر امثله .0

مفهوم متخلف آخر يؤخر تقدم مجتمعاتنا هو الهوس الديني أو التدين الظاهري . ليست مشكله ان يختار الناس دينا معينا ويمارسوا طقوسه بكل حريه لكن المشكله أن يتحول التزامهم او بعنى ادق وأصح احساسهم بالذنب لإدراكهم انهم غير ملتزمين الى وصايه عامه نراها تتجسد بتشريعات قانونيه اقصائيه قوامها أعراف اجتماعيه مقدسه اكثر من الدين نفسه بالعديد من الحالات .لو كنت سأقيم مسلمي مجتمعي اليوم تبعا لمقاييس دينهم بموضوعيه لوجدت ان العديد منهم هذا ان لم يكن معظمهم يستحقون بكل جداره صفة النفاق .0
مسلمي مجتمعي يلهثون وراء الماديات والمظاهر وهذا تناقض لمفهوم الزهد والتواضع الذي يدعو اليه الإسلام .0
مسلمي مجتمعي هم اكثر من يتكلم عن الفضيله والسلوك المحافظ بينما تصرفاتهم وسلوكياتهم بالأماكن العامه والخاصه تثبت العكس.0
مسلمي مجتمعي يفتخرون بقيمهم الشرقيه الصحراويه مقارنة بما يسمونه بالإنحلال الغربي الكافر وبنفس الوقت هم أول المهرولين الى دول الكفر والإنحلال بحثا عن العلاج ؛ العلم او الترفيه على الرغم ان كل هذه الامور متوفره بالدول الإسلاميه .0
مسلمي مجتمعي لا يجاريهم أحد على مستوى العالم بمقدار التناقض والنفاق الذين اوصلوهم الى حاله فكريه فريده من نوعها تجدهم تاره ليبراليين أكثر من جون لوك وتاره اخرى اصوليين اكثر من محمد بن عبدالوهاب.0
مسلمي مجتمعي مدركين تماما انهم منافقين ومتناقضين لذلك تجدهم يعوضون ذلك النقص ببمارسة تقية تدينهم الظاهري على رؤوس الأحرار والتنويريين .0
مسلمي مجتمعي سيظلون يسبحون عكس التيار الإنساني ليس حبا في الأصوليه والرجعيه بل خوفا منهما.0

8 Comments:

Blogger Mohammad Al-Yousifi said...

بوست مهم جدا

٢٦/٢/١٠ ١٤:٥٥  
Blogger blacklight said...

شكرا لك عزيزي مطقوق
happy holidays

٢٦/٢/١٠ ٢٢:٥٤  
Blogger AyyA said...

لا أعرف كيف طافني هذا البوست عزيزي بلاكي
و أتفق معك فيما ذكرت و لي تعليق بسيط و هو في دور الدين في خلق مجتمع منافق. أو بالأحري دور الثقافة و العادات و التقاليد المقننة دينيا في تخلف المسلمين بصورة عامة و العرب بصورة خاصة.
السبب بإعتقادي في التخلف يرجع بالدرجة الأولي إلي ثقافة الصحراء و التي تم تثبيتها و تقنينها مع الزمن بالدين. فكل دين ما هو إلا صنيع الثقافة العامة و العادات و التقاليد في المجتمع. و طالما تمسك المجتمع بالقوانين الإجتماعية الخاصة بمجتمع معين دون محاولة منه في تحديثها مع الزمن فهو سيبقي رهينة الثقافة و العادات و التقاليد القديمة، و الدين ما هو إلا وسيلة لتقديس هذه القوانين . و الشعوب الإسلامية اليوم بين المطرقة و السندان. فاليوم الأرض تصغر بإزدياد السكان و المجتمعات تضطر للتمازج و التعامل الشبه دائم بينها فتتباين الثقافات و ما لم يحدث توازن بين هذه الثقافات فستضل المجتمعات في حرب مع بعضها. فالمجتمعات التي تخلت عن قوانينها الإجتماعية المحلية أو بمعني آخر قوانينها الدينية هي الأكثر قدرة علي تقبل التمازج و الأكثر قدرة علي إستيعاب الحداثة و التغيير فيها يكون تحصيل حاصل، أما المجتمعات المتمسكة بالتقاليد و العادات و الثقافات المحلية تحت تقنين مقدس من الدين فلا يمكنها التمازج و مع أنها تتوق إلي الحداثة و لكن يصعب عليها التأقلم مع التغيير، بل أنها تخاف منه، و لذا تجد هذه المجتمعات يزيد فيها النفاق لأنها مجتمعات ضائعة، تتمسك في الأوهام لتخدع نفسها بأنها الأفضل مع أنها تعلم مدي تخلفها.
أضرب لك مثلا مسئولية الذكر علي نساء العائلة و مسألة شرف العائلة بفرج بناتها ، هذه الآمور ليس لها علاقة بالدين الإسلامي ، بل هي ثقافات صحراوية ، و الدليل أن العربي سواء كان مسلما أو مسيحيا فهو يحمل نفس الثقافة ، و لكن المسلم يري في دينه حماية لهذه الثقافة و تقديسا لدوره الذكوري . فحتي لو لم يكن مسلما ملتزما بعبادات دينه فهو ليس مستعد أن يتنازل عن قوانينه التي تشرع مفاهيمه الإجتماعية. فيضيع بين تقبل تكنولوجيا و حظارة المجتمعات الأخري و الخوف علي هدم الأساس الذي بني عليه مجتمعه إن هو تمازج معها و تقبلها.

و هنالك شيء آخر، و لا أعلم إن كنت غلطانة أم لا و لكن حسب فهمي للدين الإسلامي ، فهو لا يدعو إلي الزهد أبدا، بل العكس صحيح . فالآية " و أما بنعمة ربك فحدث" صريحة في أن الإسلام يدعو إلي التضاهر بالنعمة لمن يملكها و ليس بالزهد. و النساء و الأولاد هم أيضا زينة الحياة الدنيا حسب الدين الإسلامي و هو يشجع علي الإكثار سواء بتعدد الزواج لأربعة أو عدد غير محدد من ملكات الأيمان أو بكثرة الأولاد. و هذا ليس من الزهد في شيء.

هذا رابط لندوة الريادة و الإستجابة لإبراهيم البليهي في نفس الموضوع تقريبا ، و هي جيده تستحق المشاهدة و التأمل فيما جاء بها

http://enarchive.com/comments.php?m=865c0c0b4ab0e063e5caa3387c1a8741&id=ced67b56a11583d27fee2580c6ac8824

تحياتي

٣/٣/١٠ ١٣:٣٨  
Blogger panadool said...

مقاله قيمه الصراحه

فيها الكثير من النظريات والاثباتات

وتبه الى أمور تفسر بشكل مختلف عن ما هو حقيقته

شكرا على البوست

٣/٣/١٠ ١٤:٥٥  
Blogger haifa said...

مقالة رائعة عزيزي

فعلا اكثر مايثير غثياني هي كلمة لو طبقنا ديننا كاملا لما حصل كذا وكذا!!! شماعة يرمون عليها فشلهم وتخبطهم .. الواقع يقول ان الانسان مسحوق خلال صدر الاسلام وطوال الخلافات الاسلامية حتى سقوط آخرها في الدولة العثمانية .. كان الانسان بين هاجسين .. إما أن يفكر كيف يسطوا على مال ونساء غيره .. او كيف يحمي ماله ونساءه من سطوة الاخرين !! لان الانسان كان مجرد أداه حالها حال الدواب لا يتعدى كونه رقم في الجيش .. لكن التركيز الفعلي خلال الخلافات كان على من في القمة .. يفكرون كيف يحكمون ويسطون ويوسعون نفوذهم لكسب المزيد من المال والنساء .. فحين سقطت المغرب تم جلب 350 الف فتاة للتمتع بهن!! هل هذا هو العصر الذهبي الذي يرتجونه؟

٣/٣/١٠ ١٦:٠٢  
Blogger blacklight said...

مرحبا جميعا

غاليتي آيا
مشكلتي الأازليه مع الدين انه يجبرني على هويه صحراويه لا تمثلني فكريا . لا ادري لماذا هذا الدين يريد فرض الهويه الصحراويه قسرا بكل الازمنه والعصور . انا من أشد المدافعين عن حرية الأديان لكن ان تحولت هذه الحريه الى نوع من الوصايه والسيطره على العقول أو القلوب فأن دفاعي سيتحول قطعا الى هجوم .
اما الزهد والتواضع عزيزتي فهو مبدأ ديني صريح موجود بمعظم العقائد والديانات على الرغم انه لا احد يطبقه والدليل الصراع السياسي الإسلامي الإسلامي عندما توفى الرسول . لذلك نحن دوما نقول هناك دائما مواقف ولحظات تثبت لنا المثاليه التي يدعيها الدين عقمها وعدم قدرتها على مواجهة الواقع المر.

عزيزي بنادول
ملاحظتك في محلها وانا اتعمد هذا السياق بمعظم مقالاتي كي أسد قدر الإمكان أي ثغرات فكريه قد تحويها .

غاليتي هيفا
أحسنتي وهذه النقطه التي ذكرتها للعزيزه آيا فالدين الذي يدعي الروحانيه والزهد نجد المتحدثين بإسمه هم اكثر المهرولين وراء الماديات وهذا التناقض المضحك تجديهم يتهمون الليبراليين بالشهوانيه تجاه المرأه ليس بسبب الغيره التي يدعونها بل لأنهم هم أصلا شهوانيين لا يستطيعون التعايش مع المرأه دون تغطيتها وفصلها فصلا كاملا عن مجتمعاتهم الذكوريه . يتكلمون عن الزهد والتواضع وبنفس الوقت تجديهم أول المهرولين وراء المال والجاه .

٤/٣/١٠ ١٣:١٩  
Blogger well_serviceman said...

ولو أني قرأتها متأخرا ، ولكن برافو! مقال سيعلق على حائط مكتبتي! أشكرك

٥/٣/١٠ ٠٣:٤٠  
Blogger blacklight said...

عزيزي
well service man
العفو وشكرا على مرورك

٧/٣/١٠ ١١:٥٧  

إرسال تعليق

<< Home