السباحه عكس التيار 3

بأحد النقاشات الشيقه سألني أحد الأصدقاء "لماذا تنظر دائما الى المنظومه الإسلاميه بنظره سوداويه وتنتقدها بإستمرار واضعا نفسك لموضع المعادي للدين ؟"

في الحقيقه يرجع السبب أنني بعد قراءتي الطويله للتاريخ الإسلامي وتحليلي لتراكماته التي نراها اليوم بحياتنا المعاصره لم اجد سببا يدعوني كي أقف محايدا مانعا انتقادي للمنظومه الإسلاميه سواء المعاصره أو السابقه . فكلاهما أساسه الكذب ,التدليس والنفاق خالقين أجيالا رجعيه من البشر غير قادره على مجاراة المتغيرات بالحياة أو التعامل معها.

سألت نفسي وقلت مالذي قدمته منظومتنا لأنفسنا وميزتنا كي نتباهى أمام العالم بها ؟ في الواقع غير التقدم العلمي بالزمن العباسي لا يوجد شيء يذكر بتاتا والتناقض الحقيقي أن يأتي مسلمي وإسلاميي اليوم ويتباهوا بزمن لا علاقة لهم فيه فكريا واجتماعيا أو وجدانيا ولو فعلا كانوا يريدون منظومة إسلاميه حضاريه لكان الإسلام العباسي هو الدارج حاليا وليس إسلام محمد بن عبدالوهاب أو آية الله الخميني . ان يتباهى مسلم اليوم بالزمن العباسي كأن يتباهى سلفي كويتي بكويت الستينات التي لا علاقة له فيها وبإنفتاحها الثقافي .

غير التقدم العلمي ماذا بقى ؟ البعض يقول الزكاة وهذا الإدعاء كما قلت سابقا مبني على أساس التدليس . فالكرم والعمل الخيري خصائل انسانيه قديمه لم تكن بإنتظار الأديان كي تبرز محاسنها.نفس الشيء ينطبق على الأخلاق فالمسيحيه تدعي حصرية التسامح والمحبه ؛ والإسلام يدعي حصرية مكارم الأخلاق وهذا ان دل على شيء فإنما يدل أن الأديان السماويه لم تجد غير البديهيات الإنسانيه لتتباهى بها وتحصرها على نفسها وللأسف هذا الكذب والتدليس استمر عقودا من الزمن خصوصا الازمنه الماضيه الذي كانت فيه الأقطار تتصارع لأسباب دينيه وشعوبها تأخذ الدين على أنه هويه روحانيه غير قابله للنقاش او التشكيك . طبعا المسلمين لازالوا متشبثين بتلك المنهجيه الفكريه جاعلين من نفسهم أضحوكه بزمننا اليوم الذي امتزجت فيه الثقافات والشعوب سواء التي تؤمن بالأديان بشقيها السماوي والغير سماوي أو التي لا تؤمن بتاتا بأي دين.

بزمن العولمه قد أفل نجم الدين بشكل عام ونجده بات يصارع ويقاوم ليثبت للإنسان العصري مدى جدواه وفائدته خصوصا أننا بزمن التنافس والبقاء للأقوى فلا يوجد انسان بهذا العالم إلا ويسعى لمكاسب وأغراض ماديه اولهم اهل الدين الذين يدعون الروحانيه والوجدانيه .

أنا لا أعيش بمجتمع مسيحي أو يهودي كي أرى بعيني الخزعبلات والتدليس او ادعاء الحقيقه المطلقه لكني متأكد ومتيقن أنه مهما كانت عيوب منظوماتهم فهي ليست سوى نقطه ببحر عيوب ومساوئ المنظومه الإسلاميه المعاصره .

المنظومه الإسلاميه المعاصره تستمد قوتها كما اسلفنا سابقا من اساسها الخاطئ وإلغاء قدرة الافراد على النقد الذاتي والتحليل لذلك عند نقدها سنحصل دوما على نفس الردود المعلبه التي يسهل تفنيدها لأنها غير منطقيه بالأساس .

ماذا سيقول المدافعون عن المنظومه الإسلاميه :

1- العيب فينا نحن العرب كعرق وليس الإسلام :

في الحقيقه هذه حجه عنصريه فلا يوجد شيء اسمه عرق رجعي ومتخلف هناك منظومه رجعيه ومتخلفه فرضت تلك المساوئ بذلك العرق واكبر دليل على ذلك الشعوب الإسلاميه الغير عربيه كالفرس والاكراد والاتراك فهم حضاريون تاريخيا ولم يرتبطوابالتخلف والرجعيه إلا لما اتاهم نور الإسلام . البعض قد يقول البداوه والقبليه العربيه هي التي شوهت صورة الإسلام . في الحقيقه العكس صحيح فالبداوه والقبليه أصبحت شيئا مقيتا بنظر الشعوب الأخرى لإقترانها بالتزمت والإنغلاق الديني. الإسلام استمد قوته من البداوه والقبليه وهو الذي حافظ على بقاء التقاليد والعادات الباليه عند العرب بسبب الدعم العقائدي والفقهي للفلكلور البدوي وعلى فكره هذه أحد اهم عوامل اختلافات المذهبيين السني والشيعي التي لا تقل شئنا وأهميه عن الإختلاف السياسي بمسالة الخلافه وصراع آل البيت مع الامويين .

2- نحن متخلفين لأننا لا نطبق الإسلام الصحيح :

تعريفي للمنهج الإسلامي الصحيح هو منهج افتراضي غير موجود ولن يرى النور . الدليل على كلامي أن معظم المسلمين يرون أن الحركات الإسلاميه السياسيه لا تمثل الإسلام كحزب الله , القاعده , الإخوان المسلمين . وكل الدول التي طبقت الشريعه الإسلاميه مثل السعوديه , ايران , أفغانستان وضاقت مجتمعاتها ذرعا بنتائجها السلبيه الغير إنسانيه لا تمثل الإسلام !. وكل شيوخ الدين والمفتيين والوحشيه المرتبطه بهم كتحريم الزهور للمرضى وتحريم الفنون التصويريه والموسيقيه والأعياد البهيجه و,و,و.....الخ لا يمثلون الإسلام !. هيئة الامر بالمعروف السعوديه , لجنة الظواهر السلبيه الكويتيه , شرطة الاخلاق الإيرانيه كلهم لا يمثلون الإسلام !

سؤال أيها المسلم المتناقض المتكبر من يمثل الإسلام بنظرك ؟ هل تريدنا ان نبحث عن الإسلام الحقيقي بأحلامك واوهامك كي نجده ؟ كل هؤلاء الذين تدعي أنهم لايمثلونه هم فعلا يمثلونه على أرض الواقع وليسوا بإنتظار صك الموافقه منك . كل هؤلاء الذين ذكرت يستمدون شرعية أفعالهم من نصوص دينيه صريحه لا مجال للتشكيك بصدقها .مقولة "هذا لا يمثل الإسلام" نسمعها غالبا من فاقد الحجه والمتناقض الذي تاه بين التمسك بالمعتقد والحداثه المخالفه تماما لما يريده المعتقد .

3- منظومتنا هي الأصلح اجتماعيا فالشعوب الغربيه لأنها بلا وازع ديني متفككه اجتماعيا , منتشره فيها الزنا والإنحلال الأخلاقي , تكثر فيها نسب الإتنتحار :

تمتاز المجتمعات الغربيه الحضاريه بالمصداقيه التي لا نملكها نحن . والهدف من تلك المصداقيه هو تشخيص المشاكل الإجتماعيه ودراستها ثم علاجها بالحلول عبر الطرق والوسائل السليمه . من الظلم أن نستشهد بنتائجهم السلبيه ونحن لا نجرؤ على الإعتراف بنتائجنا تحت ذريعة الكمال الديني والخلقي .

التفكك او الوصال الأسري لا علاقة له بالدين هناك أسر سعيده ومتينه وهناك أسر أخرى تعيسه ومفككه وتلك ترجع لعوامل عديده لا لاعلاقة لها بالدين وإلا لخلت المجتمعات الإسلاميه من التفكك الأسري والطلاق.

نأتي لقضية الزنا والإنحلال الأخلاقي من قال أن المجتمع الديني هو مجتمع خالي من الزنا ؟ ولنأخذ مجتمعاتنا المريضه التي تثيرها الغرائز الجنسيه بشكل قبيح وتؤثر على أمور مهمه حيويه كالتشريعات القانونيه وصنع القرار. الكبت سيولد الإنفجار وهذا ما هو حاصل لدينا واكاد أجزم ان سلوكيات التحرش بالجنس الآخر بالمجمعات التجاريه والمقاهي وغيرها من الأماكن العامه هي حصريه على دولنا العربيه فقد سافرت ورأيت كيف أن البالغين بالدول الاخرى لا يفقدون صوابهم أو تصيبهم حاله من المراهقه السلوكيه في مثل هذه الأماكن . خداع انفسنا بكذبة اننا مدينه فاضله بلا أنشطه مختلطه بين الذكر والانثى جعل العديد الشباب والمراهقين يتصرفون كأنهم بملهى ليلي بالاماكن الخطأ .

ناتي لقضية الإنتحار التي سئمنا ومللنا من ربطها بالوازع الديني , هي قضيه نفسيه يا بشر لا علاقة للدين بها وإلا لما شاهدنا مسلسل انتحار العماله الأسيويه المسلمه بالكويت بشكل شبه يومي .والمنطق نفسه منطق غبي , هل المسلم لوما أن الإسلام قد حرم الإنتحار لكان سينتحر حتما او سيفكر فيه بكل وارده وشارده؟ ماذا عن حمقى الأحزمة الناسفه الذين يقتلون اخوانهم المسلمين والعرب او ليس هؤلاء انتحاريين دينهم الإسلام كذلك ؟ الإنتحار ترفضه الفطره البشريه كما ترفض زواج المحارم وترفض أكل لحوم البشر وترفض العديد من الأمور التي ليست بحاجه ان تتنظر تقييم الأديان لشرها أو سوئها.

لماذا نخص الدين بالفطره او البديهه دائما ؟

بكل المجتمعات سواء الحضاريه او المتخلفه يوجد دوما الشاذ ويوجد المثالي الفرق أنه بالمجتمعات الحضاريه يتم تسليط الضوء على الشذوذ والسلبيه لمعالجتهما بينما يتم بالمجتمعات المتخلفه التعتيم على المساوئ فقط لإرضاء الكبرياء والإستمرار بالكذب على النفس.

ختاما

أتحدى أي شخص أن يثبت لي فائدة المنظومه الإسلاميه فقد أكون مخطئا بمزاعمي وأكون اهملت جوانب دينيه ميزتنا وجعلتنا شعب الله المختار من يدري . وقد نكون لازلنا لم نفهمها فمن يدري قد تمكنا من غزو الفضاء واكتشاف اصل الحياة . وقد تحمل بطياتها نظاما اقتصاديا يعالج المشكله الإقتصاديه الحاليه بنظام قائم على المرابحه "الحلال" بدون ربا وبدلا من مؤسسات "وال ستريت " الماليه العريقه ولابسي البدل الباهضه ستنشط مؤسسات ماليه حديثه قامت على البترودولار مليئه بمكتثي اللحى ذوي الدشاديش القصيره .بالتوفيق للمنظومه الإسلاميه قد ياتي اليوم الذي تفيد العالم فيه .