٢٠١٠/١١/٠٥

الى التنويريين مع التحيه

في المنظومه الإسلاميه لا قيمة لرأي الفرد مهما كان منطقيا ومستندا على ادله . الرأي الذي يخالف ثقافة القطيع التي يسمونها ثوابت ومقدسات سيسبب الضرر لصاحبه ليس فقط اجتماعيا بل مدنيا لأن أفراد هذه المنظومه قد وصلوا لمرحله متقدمه من الدكتاتوريه وعدم تقبل الآخر لا تقبل التعايش مع من يخالفها الرأي أو المنهج العقائدي ولن تسمح له أن يتمتع بالحقوق المدنيه والمؤسسيه كفرد وجزء من دولته لأنها قد سلبت هذه الحقوق من الدوله وربطتها بالمعتقد .

نصيحتي للتنويريين المسلمين أن يتجنبوا التطرق في أمور العقيده المحسومه لعامة المسلمين مهما اكتشفوا من امور تناقض التاريخ الإسلامي الذي هو بنظر المسلمين منزه من التحريف والتغيير ؛أو تبحروا في منطقية الأحاديث التي يعترف المسلمون أنفسهم أنه يوجد منها الضعيف والغير مسنود. وعلى ذكر الأحاديث مسلمي التنوير قد وضحوا لجمهورهم أن الأحاديث قد فصلت لأغراض مذهبيه مثل حديث سب الصحابه أو أغراض أيدولوجيه أصوليه تتعارض مع السماحه الكاذبه التي يدعونها مثل حديث الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أغراض فلكلوريه تساند البداوه مثل ادعاء نقاب زوجات الرسول رغم أن النقاب ليس له ذكر لا بالحديث ولا بالقرآن وهو تاريخيا كزي ظهر بوقت حديث وغيرها من الأحاديث والتفسيرات الفقهيه التي تثير التساؤلات و التناقضات .قد يؤيد البعض تلك الأطروحات لكن العموم سيغلق أذنيه وعينيه ويطلق العنان للسانه كي يشتم ويكفر ويحلل الدم . العقل لن يكون له وجود طالما ان هناك تفضيل للنقل ؛ الفكر لا يمكن أن ينضج طالما هناك تهديد مسبق بالكفر ؛ المنطق سيخرس حين تتكلم الغيبيات .هذا بكل بساطه وواقعيه حال المجتمعات التي ينتمي مسلمي التنوير اليها ويريدون توعيتها .

بعض من يظنون انهم تنويريين من المسلمين فضلوا ان يأخذوا موقفا يناقض قيمهم التي يؤمنون بها وهو التهجم ومعاداة أفراد مجتمعهم الذين يصرحون علانيه أنهم غير مسلمين سواء كانوا تنويريين أم لا .هذا الموقف الذي ليس سوى تعصب عقائدي ينسف ادعاءات التنوير التي يسطرونها هو ردة فعل طبيعيه فالإنسان بالنهايه كائن اجتماعي لا يحب أن يكون شاذا بسبب آرائه ؛أفكاره أو تصرفاته والتنوير كما قلنا بالأعلى مشاكله أكثر من مكاسبه .الموضوع لم يقف عند الجانب العقائدي فقط مع هؤلاء فهم اكثر من يدعي القيم التنويريه وأول من يهجرها حين تكون هناك مطالبه صريحه للعلمانيه الشامله وليس مفهوهم المحدود لها (فصل الدين عن السياسيه).العديد من هؤلاء يظن أنه ان ظهر بمظهر المسلم المحافظ على عقيدته امام مجتمعه فإنه سيقدر على خلط ما يشاء من مفاهيم مدنيه بالأصوليه الدينيه السائده تحت راية الوسطيه . هذا التناقض ليس حاله يتفرد فيها فرد معين أو مجتمع ما فالعالم العربي بشكل عام يعاني من هذا التناقض الصارخ وهذا يتضح جليا في دساتيرهم وتشريعاتهم التي لا هوية لها تدعي صون الحريات وضمان حقوق الإنسان وفي نفس الوقت تمنح التشريع الإسلامي الذي لا علاقة له لا بالحريات ولا بحقوق الإنسان أفضليه على التشريع المدني وهذا كما نعلم بحكم الواقع والتجربه ليس سوى ضحكا على الذقون !

التنوير من وجهة نظري الشخصيه ليس له علاقه بمفهوم إصلاح الفكر الديني الذي كان يتبناه استاذي الراحل "أحمد البغدادي" وغيره من رموز تنوير العالم العربي .الدين ليس فكرا كي نطالب بإصلاحه منطقيا أو تجريديا الدين معتقد أيدولوجي أصولي جامد كان ولازال وسيبقى كذلك . أن أصولية الدين الجامده التي تغلغلت بكل جوانب حياة هذه الشعوب من سياسه ؛ اجتماع ؛ اقتصاد وغيرها تعتبر بالنسبه للمسلمين هويتهم التي تميزهم عن غيرهم لذلك الحل لا يكمن بالتدخل في مفهوهم للدين او تطبيقهم له الحل يكمن بتحييد الدين كي يتم تحييد هذه الهويه وتصبح هوية مدنيه وطنيه . ذلك التحييد ذلك لن يتحقق إلا عن طريق المطالبه الصريحه المستمره والفعاله بمدنية التشريع وحياديته بناء على مقاييس أخلاقيه وفكريه عالميا منفصله تماما عن ثقافة الموروث واللاهوت التي يفرضها علينا التشريع الإسلامي .ان التحييد عن طريق التبحر بشؤونهم العقائديه مثل تأويل تفسير أو اكتشاف تناقض تاريخي وغيرها لن يجلب إلا الرفض والعدائيه لأنه سيعتبر تطفلا .

في الختام أعلن تضامني الكامل مع الاخوه الأعزاء في مركز تنوير على الحمله الشرسه التي تعرضوا لها مؤخرا . وأدعوهم من باب الأخوه والصداقه الى اعادة النظر بمنهجهم الحالي الذي يعتبره العموم تهجما عقائديا على الدين الإسلامي . لنطالب بالعلمانيه والتنوير من منظور اجتماعي مدني ولنترك المعتقدات شأنا شخصيا فالشعوب التي تحول الآراء المناهضه لدينها جريمة أمن دوله تفقد صاحبها جنسيته وترفض اقامة معابد أصحاب الديانات الاخرى على أرضها بينما معابدها منتشره بكل بقاع الآرض هي شعوب متطرفه أصوليه بإمتياز لا فائده ترجى من نقاشها عقائديا بغرض إصلاح فكرها الديني.ان كانت هناك اولويه فهي نشر قيم التعدديه بإسم المدنيه وحقوق الإنسان ذلك يتطلب تركيزا على الجانب السياسي وتنسيقا فعالا على المستوى المدني . الندوات والتجمعات التي تبذلون في سبيل اقامتها جهودا معنويه وماديه تشكرون عليها يفسرها عموم الجهله والمتخلفين على انها الحاد وتهجم على الدين بالتالي تلك الندوات ستضر جمهورها وأصحابها اكثر من ما تفيدهم.