تشغل بال الرأي العام المحلي هذه الأيام قضية تعديل مناهج التربيه الإسلاميه بمدارس الكويت . نقطة الخلاف هي أن المنهج الحالي يصنف التبرك بالقبور وزيارتها بدعا وكفر . وطبعا وجود نقطة خلاف طائفي بالمنهج التربوي للبلد أمر غير مقبول خصوصا أن هذه التي يسمونها بدعه ليست سوى احدى وسائل التكفير السلفيه الأصوليه المستورده من جار الجنوب . منهج التربيه الإسلاميه بدوله فيها مذهبين يجب أن يحوي أمورا عاما متفق عليها مثل السيره ؛ العقيده ؛ العبادات . بمعنى آخر هو معرفه دينيه وليس تعليم فقهي مذهبي . ما دخل البدع والفتاوي بمنهج مدرسي ؟ أنا درست التربيه الإسلاميه بمناهج الدوله الحكوميه ولا أذكر احتواء المنهج على فتاوي او بدع تشجع على الكراهيه الطائفيه لأن من وضع مناهج التربيه الإسلاميه بذلك الوقت كان ملتزما بمنهج خالي من التفرقه المذهبيه .
ان كان منهج التربيه الإسلاميه يعني أن ندرس النشئ الفقه والفتاوي اذن سيأتي اليوم الذي نرى فيه المنهج يقول أن ستار أكاديمي حرام او الفالنتين رجس من عمل الشيطان وغيرها من فتاوي واجتهادات الفقه السلفي القبلي الوهابي التي ينفر منها المسلم السني قبل الشيعي أو الغير مسلم .
قلتها سابقا وأكررها اليوم أن الهويه الكويتيه آخذة بالإندثار بسبب الهوس بالإنتماء القبلي والإعتزاز او بالأصح الإلتصاق والتبعيه لكل ماهو سعودي خصوصا المسائل الفقهيه المستورده من الجنوب التي تطل علينا بكل مناسبه وغير مناسبه حاملة رائحة كريهه من التطرف والعنصريه .لذلك كويت اليوم ليست الكويت التي عهدناها وعهدها أباؤنا وأجدادنا من قبلنا . نحن لا نتهجم على الأصل السعودي او القبلي لكننا بنفس الوقت لن نسكت ان تم استغلال هذا الأصل او الإنتماء بسبيل تدمير التوازن الإجتماعي الذي كفله الدستور ووضعه حماية وصونا لهذا البلد . أن الإرتباط بالأصول او الإعتزاز بها سواء كانت سعوديه ؛ عراقيه ؛ ايرانيه ، بحريه أو بريه ليست سوى مرحله علينا تجاوزها لأننا اليوم لدينا اصل واحد اسمه الكويت التي كانت بوتقة حضاريه ارتمى بحضنها اجدادنا وواجب علينا كاجيال جديده أن نعتز فيها ونحافظ على هويتها التي ارتبطت دوما بالرقي والتحضر .
هذه نظرتي كمواطن عادي أما كفرد يسعى للتنوير والعلمانيه لن اكتفي بتعديل منهج التربيه الإسلاميه بل أضم صوتي لكل من يطالب بإبعاده عن المدرسه وحصره على المسجد . فالدوله التي يدعي دستورها ضمان حرية الإعتقاد كيف تسمح أن يتم ترهيب طلابها الغير المسلمين؟ أو تهديدهم بعذاب جهنم؟ أو لعنهم وشتمهم؟ او الجهاد ضدهم؟ أو فرض الجزيه عليهم ؟أو نعتهم بالكفر والزندقه ؟ عندما يسمع طالب غير مسلم سواء كان يهودي ؛ مسيحي ؛ بوذي وغيرها من الديانات أو الإعتقادات أن مصيره هو الحرق كيف تريدونه أن يبقى بالمدرسه ؟ موضوع ان 99.99% من الشعب مسلم لا يلغي حقيقة ان هناك اعداد لا بأس بها من افراد هذا الشعب مسلمين على الورق لكنهم على أرض الواقع لا علاقة لهم بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد .الغاء حقوق هؤلاء الأدبيه والإستمرار بتدريسهم شيئا يعتبر ارهابا نفسيا ضدهم جريمه بحق الإنسانيه ومخالفه صريحه للمبدأ الدستوري الذي ينص على حرية الإعتقاد .كما هؤلاء الغير مسلمين مستضعفون ببلد يؤمن شعبه بالهمجيه التي تمنح الأغلبيه الحق بقمع الأقليه كذلك ابناء المذهب الجعفري هم مستضعفون بهكذا قضايا . فهم يؤمنون بالتبرك بالقبور وزيارتها وانا شخصيا لا الومهم فالعديد من العقائد والديانت بالعالم تؤمن أن طقوس زيارة القبر هي علاج نفسي وروحاني لأهل الفاجعه . فعقيدة الشنتو اليابانيه مثلا تلزم الفرد ان يزور قبور أحبائه سنويا يتكلم معهم ويقدم لهم الزهور ويصلي بسبيل راحة أرواحهم . هذا الجانب الروحاني الانساني الذي لن يفهمه مفتي الخيمه والبعير ويسميه "بدعه" كما كان يفعل أسلافه الوهابيين من قبله لم يمنع اليابانيين أن يصبحوا من اعظم شعوب العالم (هذا لن لم يكونوا فعلا هم الأعظم) علما ؛ خلقا وتحضرا .
ختاما
كنا ولازلنا نقول أن الإسلام سواء كان سنيا أو شيعيا مكانه المسجد وليس المدرسه يطلع عليه من يريده ويتركه من لايريده هذه هي حرية الإعتقاد وهذه أول خطوه نحرر فيها عقل الإنسان العربي من هيمنة الدين ورجال الدين على نمط حياته . فرجل الدين مكانه الطبيعي والوحيد هو المسجد ليس الطب ليس العلوم ليس الإقتصاد وليس السياسيه . نحن لسنا بحاجه لتعديل المناهج بل بحاجة لتعديل العقول التي شوهتها تلك المناهج انسانيا ووجدانيا .0