٢٠١٠/٠١/٢٧

الحريه والديموقراطيه مره أخرى

بدايه أتقدم بجزيل الشكر للزملاء الأفاضل الذين ناقشوني بموضوعي الأخير فقد طرحوا افكارا قيمه ألهمتني لكتابة هذا الموضوع وهو استكمال لنقاش قضية الحريات والديموقراطيه .

معايير الحريه ومدنية القانون
ماهي معياير الحريه ؟ المعايير هي الأدبيات العلمانيه والليبراليه التي لولاها لما كنا نعيش اليوم بعالم مدني يحترم حقوق الإنسان والتعدديه بكل المجالات . قيود الحريه هي القوانين الوضعيه نعم لكن تلك القوانين يجب أن تكون منسجمه من النظام المدني والعقد الإجتماعي وكما قلت بموضوع سابق الحريات والحقوق الإنسانيه هي المعيار التي على اساسها نصنف نظام ما على انه مدني ودستور ما على أنه عقد اجتماعي . ان كان النظام لديه انتهاكات واضحه وصريحه للحريات أو حقوق الإنسان فهو ليس مدني وان كان الدستور يحوي موادا فيها أي صوره من صور التمييز سواء كان ذلك التمييز دينيا او اجتماعيا أو طبقيا وغيرها فهو ليس عقدا اجتماعيا .
نأتي الى القوانين هل من لايؤمن بمدنية النظام يستحق أن يشرع قوانين ؟ لو كان النظام المدني يمتلك أرضيه صلبه وقواعد فكريه سليمه سيكون الجواب لا وأضيف أن النظام والتشريع قد حصنا أنفسهما ضد أي هيمنه تسلطيه مستقبلا وهذا واضح جدا بالدول الغربيه التي تلزم حتى الاحزاب المحافظه بالعلمانيه والحريات . لكن بحال أنظمتنا القائمه على التسلط السياسي للحكام والتسلط الإجتماعي لللأصوليه الإسلاميه سيكون الجواب نعم وهنا لب المشكله التي تعيشها التيارات التقدميه بكل الدول العربيه . هناك أسباب عديده للإخفاقات السياسيه لهذه التيارات طوال هذه السنوات لكن اهمها هو تصورها أن تنافسها سواء مع النظام الحاكم أو التيارات الاصوليه هو سياسي فقط بينما في الواقع هي مشلوله بالكامل من جميع النواحي الاخرى سواء كانت فكريه ؛إجتماعيه أومؤسسيه وغيرها .
هل يتصور من لا يؤمن بالحريه أوالنظام المدني انه مؤهل كي يحدد سقف الحريه ؟ موضوع أقليه وأغلبيه وخلفيه اجتماعيه وثقافيه لا يلغي حقيقة أن النظام المدني قياسي وموحد على مستوى العالم وهذا ما يدفعني لمعارضة سقف الحريه بهذه المجتمعات .وليعلم أهل الرجعيه والتخلف الفكري أن امراض التناقض والنفاق التي تعاني منها مجتمعاتنا كلها سببها سقفهم الذي لن يهدأ لنا بال إلا ان هدمناه على رؤوسهم !
السقف الذي يستخف بعقلي ويفرض علي قيمه وافكاره قسرا وبقوة القانون هو سقف دكتاتوري لن يصمد بزمننا اليوم زمن تكنولوجيا الإتصال الذي فتح عيوننا وجعلنا نقيس المتغيرات بناءا على مقاييس حضاريه عادله لا تعرف تمييزا أو تطرفا.

هل الغاء الديموقراطيه سيحقق الحريه؟
نأتي الى قضيه أخرى بغاية الاهميه وهي كفر العديد بالديموقراطيه بسبب العلاقه العكسيه بين الديموقراطيه والحريات الإجتماعيه التي سببها طبيعة مجتمعنا المنغلق. يتصور هؤلاء (وانا شخصيا لوقت قريب كنت متفقا معهم) أن الغاء الديموقراطيه وتفرد النظام بالسلطه سيحقق انفتاحا اجتماعيا مستدلين على نماذج قريبه كدبي او البحرين . يؤسفني أن اقول لهؤلاء أنتم واهمون لأنه بحالة الغاء الديموقراطيه هنا فسلطتنا السياسيه على الأرجح ستقتدي بالنموذج الإجتماعي السعودي ارضاءا للأغلبيه . سلطتنا السياسيه لا تهمها غيرمصالحها الماديه لذلك هي لا تهتم بدعم الإنفتاح الثقافي والفكري . الأنظمه الإداريه لدول الخليج المجاوره ليست خاليه من الفساد المالي أو الإداري لكن القيادات السياسيه هناك لديها رغبه جاده بالتقدم الحضاري وهذا ما نفتقده هنا .ليس عيبا أننا مجتمع جاهل أو متاخر ببعض المجالات لكن العيب كل العيب ان غرورنا وتكبرنا اللذان وصلا لحد الوقاحه يمنعونا من مواجهة جهلنا والتعلم من الآخرين الافضل منا . لذلك أقول لكم أن العنجهيه الصادره من مجلس الوزراء ليست اقل ضررا من الرجعيه الصادره من مجلس الأمه .لا يوجد خطاب حكومي اليوم يدعم قيم الثقافه والإنفتاح اليوم فلا تتوقعون أو تستبشرون بوجود خطاب مستقبلي داعم لها بحال الغاء الديموقراطيه .

ماهو المطلوب من التيارات التقدميه
كما ذكرت بالأعلى هذه التيارات تعاني من شلل تام وهي لن تستطيع أن تحقق أي انجاز طالما النظام السياسي ليس ديموقراطيا او ديموقراطيته جزئيه خاليه من الاحزاب . كل حزب بالعالم له اجنده فكريه يشرع على اساسها القوانين التي يراها تتناسب مع النظام المدني والعقد الإجتماعي.لذلك يجب على هذه التيارات نشر الوعي المدني كي تبين لرجل الشارع المحايد أنها وحدها المدنيه ستحقق له قيم العداله والمساواة التي يبتغيها.التيارات الاصوليه لأنها تمارس التمييز العقائدي لذلك هي لا تؤمن بالعداله والدليل انها اليوم تمارس التمييز العقائدي على الجميع بمن فيهم المختلفين عنها مذهبيا . لذلك كنا ولازلنا نقول أن التخلي عن الأدبيات العلمانيه والليبراليه للتيارات التقدميه تحت راية كسب القواعد الشعبيه سيجعلها لا تقل اصوليه وإنغلاقا عن منافسيها .من يسعى وراء النجاح السياسي لاغيا الإنفتاح الفكري والثقافي هو غير مؤهل لحمل راية التقدميه والحداثه .لن أقول انه على التيارات التقدميه النزول الى الشارع لأني ادرك تماما أن الشارع يدفعه تكبره الوقح على دعم الإنغلاق واحتضان الرجعيه. الشارع مدرك لأهمية المدنيه والحداثه بدليل أنه يستوردها ويسافر الى دولها كلما سنحت له الفرصه. لذلك هو ليس شارع غير واعي بل هو شارع منافق بحاجه الى التوجيه الفكري السليم وهذه مهمة مفكرينا وسياسينا الليبراليين.

٢٠١٠/٠١/٢٠

الديموقراطيه للأحرار فقط!

عندما تعيش بمجتمع خالي من المعايير المدنيه فلا تستغرب ان تواجه افرادا متخلفين من الناحيه الإنسانيه رغم انهم يملكون علما ومعرفه لا يستهان بهما بشتى المجالات . كثيرا ما نسمع هؤلاء يقولون نحن ندعو الى الحريه بضوابط بينما انتم منفلتين انتم منحلين وغيرها من التهم . حسنا ان كنا منحلين ماهو تعريفكم للإنحلال ؟ تعريفهم للإنحلال هو كل ماهو مختلف وجديد عن موروثهم الإجتماعي والديني . ان كنت غير مسلم فانت منحل بنظرهم ان كان نمط حياتك مختلفا عن نمط حياتهم التقليدي فانت منحل . ان خالفتهم بأي مجال كان فأنت منحل اذن فالإنحلال الذي يتهمون الآخر فيه ليس سوى صوره من صور القمع والإلغاء المتأصله فيهم مهما تملقوا وزايدوا على الإيمان بالحريات ففاقد الشيء كما نقول دائما لا يعطيه ولن يعطيه . 0

لا يوجد بالعالم شيء مطلق والحريه ليست استثناءا من هذه القاعده الكونيه لكن هذا لا يبرر أبدا موقف هؤلاء القمعي فالأصل بالحريه الإباحه وليس المنع . ما يحد أي نوع من انواع الحريات هو القوانين التي تضمن أن لا تسبب بعض الممارسات بإسم الحريه ضررا بالصالح العام أو انتهاكا للعداله بأي مجتمع . ذلك الصالح العام وتلك العداله يتبعان معايرا مدنيه قياسيه لذلك هما ليسا بالضروره رغبة الأغلبيه كما يسوق بعض المدلسين .من يدعي انه علينا أن نرتضي نتيجة الديموقراطيه ويكتفي بذلك هو بالحقيقه يشجع تلك الأغلبيه على ممارسة الدكتاتوريه تحت راية الديموقراطيه وهذا قتل لروح الديموقراطيه فلا ديموقراطيه بلا حقوق أقليات ولا يستحق مجتمع ما ان نطلق عليه ديموقراطيا إلا ان التزم بالمعايير المدنيه الدوليه للديموقراطيه التي قوامها حقوق الإنسان والتعدديه بكل المجالات . لذلك يشدد البعض وانا منهم على مبدأ أنه لا ديموقراطيه بلا علمانيه .0


المعايير التي أتكلم عنها هي معايير مدنيه دوليه خارجه من رحم ثقافة الحريه وحقوق الإنسان ومن التناقض أن يدعي أحد المدنيه وهو يؤمن وينادي بمعايير دكتاتوريه تتحكم بالآخرين . معايير هؤلاء معظمها ان لم يكن كلها سببها التنشئه الاصوليه التي اضحت هويتهم الفكريه حتى وان كانوا معارضين من الناحيه السياسيه للتيارات الأصوليه . 0
أسأل هؤلاء ما الفرق بينكم وبين الإسلاميين وكلاكما يؤمن بقمع حريات الآخرين وفرض الوصايه الدينيه عليهم ؟ ان لم تكونوا مؤمنين بالحريات كيف تدعون التمدن أو الديموقراطيه ؟ هؤلاء يختزلون المدنيه بالتشريع القائم مع تجاهل صارخ للمعاير التي ذكرتها بالأعلى وهذا تناقض واتحدى هؤلاء وأقول لهم هل ستخرسون كما تحاولون اخراسنا اليوم تحت ذريعة احترام القانون والتشريع لو كنتم تعيشون بنظام ثيوقراطي صرف كالسعوديه أو ايران ؟! ان قلتم لا فأنتم منافقين لأنكم على علم مسبق أن الجماعات الإسلاموقبليه التي ترتمون باحضانها اليوم تهدف الى خلق نظام ثيوقراطي . الديموقراطيه بنظر هؤلاء هي فقط القدره على معارضة الحكومه سياسيا ولعب دور نواطير المال العام أما بديهيات الديموقراطيه كإنشاء الاحزاب ؛ التوازن بين تشريعات الاغلبيه وحقوق الأقليات أو الإلتزام بالمعايير المدنيه الدوليه في التشريع والتنفيذ والقضاء فهي مفقوده بطروحاتهم . 0

بمجتمعاتنا تنشط الجماعات الأصوليه التي تمارس قمعا واقصائا يطال عموم الشعب سواء كانوا من ذكرت بالأعلى أو دعاة الحريه أو الذين ليس لهم انتماء سياسي أو فكري محدد. بالتالي سنحصل على وضع سياسي دكتاتوري تسحق فيه الأغلبيه الأقليه وهذا ماهو حاصل بمجتمعنا . 0
واكبر دليل على ذلك انظروا الى حالنا اليوم والمخرجات الأصوليه التي قدمتها لنا الديموقراطيه الكويتيه . التيارات الأصوليه التي تشرع يوميا قوانينا معاديه للحريات العامه هي أساسا تحمل فكرا غير مدني لكنها وتبعا لمبدأ الغايه تبرر الوسيله مستعده على أن تناقض فكرها وتتغلغل بالعمليه الديموقراطيه فلا يوجد أسهل من فرض الهويه الاصوليه على هيئة قانون وتشريع خصوصا بنظام سياسي حكومته لاهية بمصالحها لا تعبأ بأي انتهاك مدني أو دستوري وشعبه لا يقل أصوليه وتطرف عن ممثليه بالبرلمان .لذلك نحن اليوم بحاجه الى تيار مدني صلب ليقف بوجه تلك الإنتهاكات تيار نشط على المستويين الإجتماعي والسياسي . هذا التيار وان لم يعترف بعلمانيته علانيه إلا انه مطالب بالإلتزام بادبيات العلمانيه بمواقفه وطروحاته فالمشروع الأصولي هو مشروع فكري أساسا . تجاهل فكرهم عن طريق لعب دور نواطير المال العام أو العزف على وتر التنميه والإصلاح هو الذي قوى شوكتهم اليوم . 0

معظم مشاكلنا السياسيه اليوم هي مسؤولية الناخب وليس الحكومه كما يدعي المعارضون الجدد الذين لا فكر او طرح لديهم غير المعارضه العمياء لكل شيء . الحكومه لا ولن تهتم بالمصلحه العامه لأنها كما قلت سابقا واكررها اليوم حكومه منصبه وبالنظام السياسي الذي يتم تنصيب الحكومات فيه هل تتوقعون أن مسائلة وزير أو اثنين بل حتى رئيس الوزراء ستحقق شيئا ؟ تقاعس وضعف أداء السلطه التنفيذيه قضيه مهمه نعم وهذا ليس شيئا جديدا علي وأوجه هذا الكلام للمنافقين الذين عملوا شعار "ناصر المحمد محطة مشرف" كنايه عن الإصلاح ثم بنفس السنه عملوا شعار "ناصر المحمد ارحل" كنايه عن الفساد .لا يهم من يرأس الحكومه لأن لا ادائها ولا أسلوبها سيتغير المهم فعلا هو مواجهة دكتاتورية وتطرف السلطه التشريعيه التي يختارها الشعب . 0

التشريع هو الملحن والتنفيذ هو العازف وما تسمعون اليوم من نشاز هو مسؤوليتكم لأنكم أنتم من اختار الملحن وألحانه الرجعيه المتخلفه .عاشت الديموقراطيه للاحرار ولا عزاء للقمعيين والمنافقين الذين لم ولن يقدموا سوى النشاز السياسي.0

٢٠١٠/٠١/١٢

في نقد الإقتصاد الإسلامي

بسبب الأحداث الإقتصاديه الاخيره سواء المحليه أو الدوليه كثر الحديث مؤخرا عن تطبيق الإقتصاد الإسلامي كبديل عن الأنظمه الإقتصاديه المعاصره سواء كانت رأسماليه ؛ اشتراكيه أم مختلطه .لذلك و من باب الفضول وددت الإطلاع على ما يسمونه بالإقتصاد الإسلامي فسألت احد الأصدقاء الذي أوصاني بقراءة كتاب "اقتصادنا" لمؤلفه المرجع الإسلامي الشيعي محمد باقر الصدر . لن أدخل بتفاصيل الكتاب وسأكتفي بطرح أفكار تعكس الواقع الذي يناقض تماما نقاط الكاتب التي رأيت بها توضيحا لهذا المفهوم المبهم بنظري.0

النظام الإقتصادي الإسلامي هو نظام اقتصادي مختلط يوازن بين النظامين الإشتراكي والرأس مالي لذلك مفهوم التكافل الإجتماعي الموجود بالدول الإسلاميه هو احدى خصائص هذا النظام على الرغم ان هذا المفهوم ليس حصريا على الدول الإسلاميه كما يدعي رجال الدين فالمدنيه المعاصره بشكل عام تحارب الفقر وتدعو الانظمه السياسيه والإقتصاديه الى توفير حياة كريمه لمواطنيها . مهما كان النظام الإقتصادي ناجحا لابد من ان تكون هناك عيوب فنظامنا الكوني لا يعرف شيء اسمه مطلق وكل شيئ نسبي حتى العداله سواء كانت اقتصاديه أو اجتماعيه .رغم أن الرأسماليه هي النظام الإقتصادي الشائع بالعالم الغربي المتطور هذا لا يعني أنها كامله . ولعل فيلم المخرج الامريكي مايكل مور "الرأسماليه قصة حب" الذي يحلل دور الرأسماليه الجشع بخلق الأزمه الإقتصاديه الاخيره (رغم اختلافي الشديد مع أسلوب مايكل مور المعتمد على المبالغه ؛التهويل واحتكار الحق بأفلامه بشكل عام) يعكس واقعا معبرا بدوله قوامها الرأسماليه. 0

كما الرأسماليه فيها عيوب كذلك التكافل الإجتماعي فيه عيوب ولن اذهب بعيدا فالكثير من أبناء شعبي يستغل التكافل الإجتماعي بصوره قبيحه فهم مصرين على أن يظل مستوى معيشتهم ليس مرتفعا فقط بل شاهقا بسبب انعدام المسؤليه وهوسهم بالمظاهر والكماليات على حساب الأساسيات والضروريات .لذلك كما الرأس ماليه ممكن استغلالها لتحقيق اهداف انانيه أيضا نجد ان التكافل الإجتماعي المبالغ فيه يشجع على الريعيه وإلغاء الإبداع والتميز .0

نرجع لكتاب اقتصادنا الكاتب رغم إطلاعه واسلوب صياغته الفريد لم يستطع ان يجاوب على أسئلتي كقارئ يريد اجابه واضحه عن ماهية الإقتصاد الإسلامي . فهو يدعو لمبادئ معنويه وليس لتشريعات او نظم ملموسه وهنا المعضله فالإقتصاد الإسلامي ليس علما بل مدرسه فكريه اساسها الشرع الإسلامي . لذلك شي طبيعي أن نرى البنوك والمؤسسات الماليه الإسلاميه ذات طبيعه فلكلوريه اكثر من ما هي بروتوكوليه .0
التشريع الإسلامي يظل بنظر النظام المدني العلماني تشريعا عنصريا اقصائيا نفس الشيء ينطبق على الإقتصاد الإسلامي لذلك من غير المعقول ان يقبل النظام المدني بإقتصاد يفرق بين الناس على اساس عقائدي أو اقتصاد موجه دينيا تستغله رموز السلطه الدينيه سواء كانوا أئمه أو أولي أمر أو أصحاب مبرات خيريه. 0
مشكلة الإقتصاد الإسلامي افتقاده الى الواقعيه فهو يدعي انه سيقضي على اصحاب المصالح الشخصيه ويجبرهم على احترام المصلحه العامه وبنفس الوقت هو يعطي صلاحيات ماليه عليا لولي الأمر وهذا بنظري تناقض لأنه من المستحيل ان يلتزم ولي الامر بالمصلحه العامه على حساب مصلحته الخاصه .البقاء للأقوى هذه احدى قواعدنا الكونيه التي اكتشفها داروين نراها تطبق بكل مكان وزمان . من يملك القوه هو من يحدد ماهية الضمير ؛ هو من يضع القيم والمعايير. هذه طبيعتنا كبشر ومن يدعي غير ذلك هو اما ضعيف يحاول ان يتهرب من الواقع أو ضعيف يسعى الإطاحه بقوي ليفرض معاييرا وقيما أخرى . 0
انشاء المجتمع اللاطبقي" من اكثر العبارات التي شدتني بهذا الكتاب وهي تثبت أن الكاتب يحاول تسويق وهم . والوهم الأكبر منه هو تسويق الروحانيه الدينيه كبديل يقضي على مادية المجتمعات . مره أخرى لست بحاجه ان أذهب بعيدا واكتفي بالنظر الى مجتمعي مجتمع هوس التدين الظاهري وعبادة المظاهر والماديات كي أسأل رجال الدين الأحياء منهم والأموات عن أي روحانيه تتحدثون ؟ لو الروحانيه الإسلاميه التي تتكلمون عنها ستغرس بهؤلاء البشر ولو ذره من أخلاقيات التواضع والكرم لاخترنا الدين وطلقنا العلمانيه ! 0

عموم المسلمين لا يقبلون بأن يظل معتقدهم على المستوى الشخصي كبقية المعتقدات الاخرى لذلك تجد منهم الذي يختزل الإقتصاد بتعاليم دينيه غير متناسبه مع الزمن الذي نعيشه اليوم وآخر من يختزل الأخلاق بالعبادات والفروض الدينيه وآخر يختزل العلم بالنصوص القرآنيه بإسم الإعجاز . مشكلة هؤلاء أنهم يعيشون بتناقض تجدهم يستنكرون ويتبرؤون من ممارسات الإرهابي المسلم أو الحرامي المسلم أو الدجال المسلم رغم أن أغلب ما يمارسه هؤلاء هو خارج من رحم الخطاب الديني الذي أصبح هو رمزا مقدسا لا يمس . أقول لا وسيله لتبرئة الدين غير فصله فكريا عن المجالات والإتجاهات التي ليست من اختصاصه وهذه ليست دعوى لإلغاء الدين بل دعوه لتحرير عقول المسلمين من السيطره الفكريه التي يمارسها رجال الدين عليهم . ليس رجل الدين عاجزا عن معالجة القضايا المعاصره بل الدين هو العاجز عن ذلك لكن كبرياء المسلمين الذي أوصلهم لادنى درجات التخلف والجهل يحول دون ادراكهم لهذه الحقيقه البسيطه . هل ألوم الدين لعجزه؟ بالطبع لا فالديانات كلها تهدف الى تنمية الجوانب الروحانيه بحياة البشر ومواريثها التاريخيه أو الإجتماعيه الموجوده فيها ليست مقدسه كما يسوق رجال الدين . الدين لم يطلب منا اتباعه كي نعبد نصا أو نقدس ميتا الدين هويه اعتقاديه اختياريه ليس نهجا سياسيا نشرع على اساسه قوانين و ليس محصله علميه نعتمدها بالأبحاث والنظريات العلميه . عقولنا هي من اختار الدين وليس الدين الذي اختار أن يكون لنا عقول . لذلك بنظري الخطاب الديني الإسلامي التقليدي على اختلاف مذاهبه ومدارسه الفقهيه اذا استمر بصورته الأصوليه الحاليه هذه سيظل عاجزا عن تحقيق أي مجد لهذه الامه التي بات لاهم لها غير شتم الحاضر وتقديس الماضي . 0

٢٠١٠/٠١/٠٥

اسقاط القروض أم اسقاط النظام المدني

معظم ان لم تكن كل مشاكلنا سببها ضعف وهشاشة نظامنا المدني.وهذا الضعف وتلك الهشاشه من غير المعقول أن تكون مسؤولية الحكومه وحدها كما يسوق أهل المعارضه الجدد وحلفاؤهم الوطنيين الذين يفسرون كل مشكله على انها مؤامره حكوميه . ضعف النظام المدني هو نتيجه طبيعيه بسبب سلطه تشريعيه لا تؤمن بالمدنيه ولا الدستور وسلطه تنفيذيه ضعيفه تستجيب وتنفذ تشريعات السلطه التشريعيه بشكل اعمى غير مهتمه بماهية تلك التشريعات ومدى التزامها بالهويه المدنيه الدستوريه للبلد. الحكومه تقيس التشريعات بناءا على مصالحها الخاصه وخصوصا المصلحه الماديه كما هو الحال اليوم بقضية فوائد القروض التي رغم رفضي القاطع لها إلا أنني لا انكر أن الحكومه متورطه فيها فهي حكومة التجار وليست حكومة الشعب وهذه احدى العيوب بنظامنا السياسي الخالي من الأحزاب . الحكومه هي حكومة السلطه السياسيه ومحيطها التجاري البرجوازي وليست حكومة حزب منتخب خاضع للمحاسبه الشعبيه كما في الأنظمه الديموقراطيه الحقيقيه وهنا المشكله . فهذه الحكومه وان تغيرت أسماء وزرائها إلا ان العقليه التي تديرها لن تتغير لأنها غير قابله للمحاسبه الشعبيه .

عندما تقول اليوم الحكومه قانون اسقاط القروض عليه شبه دستوريه هي تستخف بعقلي كمواطن شهد سكوتها ومباركتها للعديد من الشبهات الدستوريه المتعلقه بحقوقه المدنيه . لذلك هي بنظري حكومه كاذبه ذات معايير مزدوجه بقضية الإلتزام بالدستور لكن ذلك لا يعني ان الطرف الآخر "المعارضون الجدد" هم أفضل حالا منها فالدستور بنظر الحكومه هو واجبات المواطن فقط وبنظر المعارضون الجدد هو الرقابه الشعبيه والمكتسبات الدستوريه فقط ولا عزاء لحقوقي المدنيه كمواطن . هذه الحاله التي نعيشها اليوم هي انعدام توازن سياسي ولا شيء قادر على تحقيق الإتزان غير انشاء حزب مدني رسمي يؤمن بالحقوق المدنيه والدستور يقيس المتغيرات السياسيه على اساس مدني بحت لا يخضع لأي وصايه كانت.

اليوم الحكومه بمحاوله أرجوازيه سخيفه تريد تسويق رفضها لقضية القروض عن طريق إستغلال الدين والفتاوي الشرعيه وهذا اعتراف ضمني منها على اخفاقها برتسيخ المواطنه المدنيه بين افراد هذا المجتمع وهذه الكارثه التي نعيش تبعياتها اليوم . فعلا مشكله كيف تواجه مجاميع إسلاموقبليه لا تؤمن لا بدستور ولا بنظام مدني فلا خيار إلا العزف على وتر الدين .

يا مجاميع المعارضه الجدد ماذا تريدون ؟ او بالأصح ماهي أهدافكم ؟ حاليا لا أرى امامي غير الإطاحه بالحكومه ووزرائها بإسم الرقابه الشعبيه وهذه الرقابه الشعبيه لا تهتم لا بالعداله ولا بالحقوق المدنيه اذن ما الفرق بينكم وبين الحكومه ؟كل المتغيرات السياسيه اليوم تثبت ان هذه المجاميع تعادي النظام المدني فهي بالأمس تزايد على الوحده الوطنيه وتقمع حرية الرأي بإسمها واليوم تنتهك العداله تحت ذريعة درء الربا وكلا الحالتين تثبت ان هذه المجاميع لا تعادي النظام المدني فقط بل تجهل ماهو النظام المدني وماهي قيمه التي واجب على الجميع الإلتزام بها سواء كانوا أعضاءا بسلطات البلد الثلاث أو مواطنين . ان كان انتهاك الحريه والعدل هو أساس ممارسات وطروحات المعارضه الجديده اذن كيف تريدونا ان نؤيدها ونقف معها ؟يسمون كل من يعارضهم منبطحا مواليا وفاسدا ويدعون انهم سيحققون الإصلاح والعدل وانا أسألهم اين هو إصلاحهم وأين هي عدالتهم ؟لا إصلاح ولا عداله مع اقصائيين لا يحترمون حقوق الآخرين .

يا من تسمون انفسكم وطنيين استيقظوا ولا تكونون هادمين للنظام المدني بإسم معارضة الحكومه أو بهدف كسب المجاميع والقواعد الإنتخابيه الشعبيه . الأغلبيه الشعبويه الحاليه التي تريدون كسب رضاها تقاد من قوى غير مدنيه لا تؤمن لا بالدستور ولا النظام المدني لذلك وقوفكم معها اليوم هو تناقض صارخ لكل المبادئ الوطنيه التي تتغنون بها . وحده التشريع المدني القائم على أساس ديموقراطي سليم يضمن انشاء احزاب منظمه فكريا ومنهجيا ونحن اليوم نطالبكم بإنشاء حزب سياسي مدني رسمي قائم على الحريه ؛ العدل والمساواة . لا يمكن ان يكون هناك عدل وانتم تساندون من ينتهك القانون ؛ لا يمكن أن تكون هناك حريه وانتم تساندون اهل القمع والإقصاء ولا يمكن أن تكون هناك مساواة وانتم تساندون من يمارس التمييز .