٢٠١٠/٠٦/٢٢

وقفه متأنيه مع النفس

زملائي وقرائي الكرام

سأتوقف الى أجل غير مسمى عن الكتابه خلال الفتره القادمه بسبب ظروف شخصيه بحته لا علاقة لها باليأس او الإحباط الفكري أو السياسي. لا أستطيع ان أقول انني محبط كما كنت أقول سابقا فالتغييرات السياسيه والفكريه التي حصلت خلال هذا العام وان لم اكن مؤيدا لمعظمها لا انكر انها كانت صحيه لأنها اتسمت بالوضوح ووضعت النقاط على الحروف .

على المستوى الشخصي قمت مؤخرا بمراجعة كل ما طرحته في هذه المدونه المتواضعه وكم سعدت حين اكتشفت ان منهجي الفكري قد ضمن لي ثبات المبدأ واستقامة الرأي خلال السنوات التي مضت . حاولت ولازلت على قدر الإمكان الإبتعاد عن التجريح بالأشخاص الذين اختلف معهم فكريا أو سياسيا لكن للأسف اضطريت ببعض الأحيان أن انزل لمستوى بعضهم خصوصا الذين اساؤوا الي سواء بالتلميح أو بشكل مباشر .ذلك النزول كان خطأ كنت ولازلت نادما عليه فالعداوه والكراهيه منهج غير موجود أصلا بحياتي الشخصيه فلماذا أخلقه بحياتي الفكريه .

على المستوى الفكري اصبنا مؤقتا بالإنهيار مع تدهور صحة مفكرنا الكبير دكتور احمد البغدادي لكن احرار الكويت محاربي التنوير المخلصين لم يستسلموا وأثبتوا لنا أن نشر الفكر المدني المتحضر مسؤوليه عامه لا تنحصر على احد مهما كانت مكانته الفكريه أو الإجتماعيه. مبادراتهم وأنشطتهم اراها انتصارا وردا مفندا لكل ادعاءات ربط التنوير بالمخمليه والطبقه العليا وعلى ذكر هذا الموضوع هناك العديد من الأثرياء والميسورين ماديا منتمين الى التيارات الدينيه بشقها السلفي والإخواني لذلك أرى أنه لا توجد علاقه بين التوجه الأيدولوجي للفرد وحالته الماديه .قد تكون الحاله الماديه مصدرا للنفوذ السياسي أو الإجتماعي للفرد لكنها مستقله تماما عن انتمائه الأيدولوجي .

على المستوى السياسي أشعر بغاية السعاده لأن تجار المزايده على الإصلاح والوطنيه قد أثبتوا لنا ان فاقد المبدأ لا يعطيه ولن يعطيه سيظلون يحاربون الطواحين ويجعجعون بلا طحين. اسفنا الوحيد على كاتبنا الكبير بوراكان الذي رغم تأييده لهم يحاربونه لمجرد أنه يملك عقلا حرا يحكمه قبل أن يسطر أرائه أو قناعته . بو راكان أستاذي السياسي الذي احترم آراءه كلها سواء اتفقت معها او اختلفت ان كنت تقرأ ما اكتب الآن أود ان تعلم انني اختلف معك كليا حين تؤيد أو تدعم الحكومه التي لا تكتفي بالتخبط والفساد بل فوق ذلك تحارب التنوير والحريات. لم اطلب منك المعارضه الدراميه بلا نهج مدني كالتي يمارسها "الشعبي" أو "ارحل" لكن أسألك لماذا انت مصر على التعامل مع الواقع السياسي من منظور اما مع أو ضد ؟ . نعم معارضي اليوم لا يستحقون الدعم لأنهم أعداء لكل قيمنا الفكريه لكن هذا لا يعني ان الحكومه أفضل منهم وقطعا لا تستحق منا تأييد تبعا لمبدأ عدو عدوي صديقي.

بالختام أتمنى التوفيق للجميع
دمتم بود

٢٠١٠/٠٦/١٣

حينما تصبح الهلاميه الفكريه منهجا

زادت المشاكل السياسيه مؤخرا بالبلد وتعددت الأطراف المتواجهه كلها تريد نصيبها من المجد والجاه . بوسط كل هذه الصراعات هناك مواطن بسيط مغلوب على أمره لا يعلم ماذا يريد ولم تحصل له الفرصه كي يتعلم ماذا يريد . مواطن مفطور على الريعيه وانعدام المسؤوليه. مواطن لديه حكومه تأتي اليوم داعية الى الوطنيه والمواطنه وبنفس الوقت تكفر بها حين تزرع بذور الأصوليه وغسيل المخ القومي في النشئ سواء تربويا أوإجتماعيا. القوميه لتي اقصدها هنا ليست القوميه العربيه بل قومية المواطنه الزائفه والإعتزاز الكاذب المرتبط بالرفاه والماديه .وعلى ذكر التملق بالإعتزاز أسأل المتملقين جيل "حبيبتي عمري الكويت" ؛ "بابا جابر ؛ بابا سعد " أين حفيظتكم الوطنيه التي ادعيتموها طوال هذه السنوات من كلام حلفاء اليوم الإسلاموقبليين الذين لا يخجلون من مطالبتهم العلنيه بضم دولتنا للدوله السعوديه بؤرة الأصوليه والتطرف الديني ؟ أين الحكومه التي تحول أي رأي سياسي لا يعجبها الى تطاول على سيادة الدوله أليس هذا تطاولا صريحا؟!0

حكومه لا تعرف كيف تتعامل مع الواقع الديموغرافي الجديد إلا بالتعنت العنصري تكلمنا من قبل عن عدم جدوى تجريم الإنتخابات الفرعيه وان قانونها لن يقدم شيئا سوى نشر الضغينه بين البدو والحضر الى ان اخذت الأمور اليوم منحنى آخر أكبر من الفرعيات . اذا اقتنعت الحكومه اننا دوله مدنيه تضمن تعدد الأعراق والفئات الإجتماعيه و لسنا دولة أصايل داخل السور وعززت ذلك عن طريق قوانين فكريه فأن الإنشقاق الطائفي القبلي الذي يشكو منه الجميع سيختفي . أعداء الحكومه اليوم الذين لفظتهم السياسه بالأمس مثل الدكتور السلفي وتشي جيفارا المعارض صاحب نظرية عهد الفستق لم يجدوا أفضل من لعبة الديموغرافيه كي يمتعوا أنفسهم وجماهيرهم بها ولعمري انها لعبه قذره لا تقل قذارة وابتذال عن الأصوليه أو الدكتاتوريه .0

نعم نلوم الحكومه ولسنا بحاجه الى تجمع مهجن فاقد الهويه والرؤى قوامه الإسلاموقبليين ليقنعنا بحجم الفساد والإخفاق الذي حدث خلال الأربع سنوات السابقه . لكن ان كنا نريد الأفضل من غير المعقول أن نفرض على انفسنا ماهو اسوأ .ان الأفضل الذين يتحدثون عنه هو أفضل لأنه يحقق مصالحهم ومصالح تيارتهم السياسيه التي لم تفعل شيئا سوى زرع الطمع والانانيه بنفوسهم .0
عن أي أفضل يتحدثون عنه وكل مخرجاتهم الإنتخابيه لا تمثل الأغلبيه الصامته التي تحولت من الصمت الى الإنتماء لتلك التيارات التي تخدم مصالحها ومصالح اتباعها بإنتقائيه جعلت تلك الأغلبيه تحلم وتطمح بتحقيق مصالحها هي بإنتقائيه وهذا كفر صريح بمفهوم المواطنه والوطنيه التي يدعونها وهي بريئه منهم . هل القبلي ؛ الأصولي أو التاجر يمثلون الأغلبيه الصامته ؟ ان كان الجواب نعم اذن لترضى تلك الأغلبيه بما جنته يداها . كل التيارات السياسيه تخاف من دولة القانون فبوجودها لن يكون المواطن بحاجه الى معارف سياسيه ولن ياتي اليه نائب دائرته الإنتخابيه قائلا صوت لي يا ابن عمي/قبيلتي/طائفتي كي آخذ حقك .لذلك لن يوجد تيار يطالب بدولة القانون فوجودها يعني ضياعه سياسيا لأنه سيفلس ولن يبقى له ما يطالب به او يزايد عليه .0

ان ما طالبنا به طوال هذه السنوات من مدنيه وتنوير لم يكن فلسفه تنظيريه كما يتصورها الجهله الذين حولوا السياسه الى مرتع سوقي للنكرات وفاقدي الأهليه والصنعه . ما طالبنا ولازلنا نطالب به هو مسار مستقيم لا يعرف تعرجات الهلاميه الفكريه التي يتصورنها استقرارا .الهلاميه الفكريه التي أوصلتنا الى اقصى درجات التناقض والنفاق ليست استقرارا هي بالواقع ليست سوى مجموعه من الاكاذيب بدأت بالإنقشاع واحدة تلي الأخرى خصوصا اليوم بعدما كثرت الأحاديث عن النهايه الموشكه .0

حتى حريتهم السياسيه التي يتبجحون بها متناقضه يدعون اننا نظام سياسي ديموقراطي ونحن لا توجد عندنا احزاب ؛حكومتنا منصبه ليست منتخبه وقضاؤنا قد أصبح له ذات مقدسه لا تمس بقوة القانون ذات فوق المنطق ؛ المبادئ الفكريه المدنيه والمنظمات الدوليه التي تضع القياس الفكري والمنهجي لكل مجال سواء كان حقوق الإنسان أوغيرها .0

يقولون لدينا حرية معتقد ؛حرية رأي وحريه اجتماعيه وهنا نتسائل عن أي حرية معتقد يتكلمون وعموم الشعب أصولي طائفي بدرجات مختلفه يهلل ويصفق للقمع العقائدي والإقصاء الطائفي بإسم دكتاتورية المسلمين السنه لأنهم أغلبيه . أي حرية رأي يتكلمون عنها وهم لا يؤمنون بشيئ اسمه إعلام حر يمثل وجهة نظر أفراده بل يريدون من كل اداة إعلاميه موجهه للكويتيين بغض النظر عن ماهيتها أو موقعها الجغرافي أن تكون خاضعه لرقابة الحكومه وقانون مطبوعاتها. عن أي حريه اجتماعيه يتكلمون وكل من خالف عاداتهم وأعرافهم سواء كان عن طريق الرأي او السلوك يحصل تلقائيا على حكم الإعدام الإجتماعي . 0

ان كانت الأصوليه منهجا هداما فالهلاميه الفكريه بتملقها وتعرجها لا تقل هدما وانحدارا عنها .العقل الهلامي الخالي من الأفكار والمبادئ هو غير قادر على قيادة نفسه فما بالكم بقيادة غيره . المتأرجح فكريا سيكون تلقائيا متأرجحا بمواقفه السياسيه والمنهجيه . لذلك أقولها اليوم كما قلتها من قبل ان مخاوف النهايه والضياع سببها الهلاميه وافتخار اصحابها بها فهؤلاء لا يمتلكون شيئا يقدمونه غير ادعاءات الوسطيه المتملقه التي لا تسمن ولا تغني من جوع .0

٢٠١٠/٠٦/٠٥

ماذا تريد الأصوليه أكثر من هذا؟

بالعالم العربي كما قلت سابقا لا شيء أفضل من الديموغاجيه للحصول على دعم الجماهير خصوصا اننا نتحدث عن جماهيير تحركها العاطفه لا العقل . اليوم لا يوجد منافس يجاري ديموغاجية التيارات الأصوليه التي تستغل أي حدث سواء كان سياسيا أو اجتماعيا للتكسب وخلق بطولات زائفه من ورق . المشكله ليست فقط عاطفة الجماهير العربيه بل بالقواعد الخاضعه لهيمنة الأصوليين وهذا كله لا يترك مجالا للشك أن الاجنده الأصوليه ماضيه تشق طريقها بكل قوه لكن بمنهج مراوغ ماكر يستغل كل ما تطال يده سواء كان انتماءا قوميا ؛ اجتماعيا أو طائفيا . من الصعب جدا مواجهة الأصوليه ليس لأنها متماسكه بل لأنها تنافس وفقا لقوانينها وقواعدها المتحيزه المزروعه بعقول أهل مجتمعاتنا .

لم أرى بحياتي تدليسا مثل التدليس التي تمارسه التيارات الأصوليه العربيه . تنصب نفسها حليفة الديموقراطيه ومخلصة الشعوب من كل الهموم والمشاكل وبنفس الوقت لا تملك أي أدبيات ديموقراطيه تحترم الحريات . ظلت الدهر كله تزايد على الصراع العربي الإسرائيلي للتكسب السياسي الرخيص بغرض السيطره وفرض الهيمنه مصورة للعاطفيين المغلوبين على أمورهم أنها شجاعه غير متخاذله وسترجع الحق العربي الإسلامي بقوة الجهاد الديني . تهاجم كل تغيير ثقافي بالمجتمع بتهم البدع والإنحلال المعلبه ثم وبكل ما تملك من تدليس تأتي وتقول حالنا مزري ونحن متخلفين لأننا لا نطبق الدين! . ودعوة تطبيق الدين ذاتها مليئه بالشبهات والإستفهامات لا يتقبلها العقل فالدين الذين يريدون تسويقه اليوم ليس دين حضارة العباسيين وليس دين تسامح وانفتاح جمال البنا واياد جمال الدين بل دين منقسم على نفسه نصفه سني مغلف بكراهيه المشايخ ونصفه الآخر شيعي مغلف بدجل الملالي .أتحدى أي انسان يدعي العقلانيه والحياديه أن يستمع ولو لدقيقه واحده لبرامج القنوات الدينيه الفضائيه دون أن يشعر بالغثيان من الهراء الذين يريد تسويقه هؤلاء المشايخ لعقول مشاهدين ومستمعين اختاروا الجهل وتغييب العقل منهجا لحياتهم.

حتى تهم الأصوليين مشبعه بالتدليس مثل تهمة "كيف يتباكى الليبراليين على الحريه وبنفس الوقت هم المسيطرين على الإعلام " هنا أسأل سؤالا منطقيا من نصب علينا مفهوم الرقابه بالإضافه للسلطه السياسيه أليس الأصوليين وتحوليهم لكل ماهو متعلق بالدين لمقدس وخط أحمر لا يمس ؟توجد حدود للرقابه السياسه تصل الى الرؤساء والملوك بالعالم العربي لكن حق النقد العام لمكونات النظام السياسي من تشريع وتنفيذ وقضاء بمعظم الدول العربيه مكفول.رقابة الأصوليين على الدين ليست فكريه فقط بل إعلاميه ؛ اجتماعيه ؛ سياسيه ؛ علميه ...الخ لدرجة أن الفرد بهذه المجتمعات أصبح تحت التهديد والبلطجه حتى ان تجرأ على التفكير بكسر هذه الرقابه التي تحولت الى مسخ قبيح يلغي العقل . هناك من يقول هل سنتطور فقط عندما ننتقد الإسلام؟ لا يا ساده لن نتطور فقط عندما ننتقد الإسلام لكن التخلف أن يستخدم الإسلام كوسيله لإلغاء مبدأ النقد ؛ الإختلاف ؛ التعدديه وغيرها من القيم الفكريه اللازمه لتحقيق عملية التطور .

نرجع الى موضوعنا وكما جاء في عنوانه ماذا تريد الأصوليه أكثر من هذا؟ لو انتهى الصراع العربي الإسرائيلي و انتهت الدكتاتوريه السياسيه بالعالم العربي هل ستكون هناك مطالب أخرى للأصوليه ؟ الأصوليين يدركون تماما أن الوصايه مرفوضه اليوم بزمن تقدم تكنولوجيا الإتصال المعرفي لذلك هم يحاولون تمييع أجندتهم كما فعل البعض هنا بالكويت عندما أطلق على نفسه حامي حمى التنميه والإصلاح .لا نخدع أنفسنا فالأصوليه ليست أيدولوجيه حداثيه والدليل أن كل نماذج الدول الإسلاميه الموجوده اليوم هي نماذج رجعيه متطرفه لذلك عندما تنتهي مسرحية المزايده على الصهاينه ودكتاتوريه الأنظمه العربيه السياسيه سيتحول الممثل الأصولي الى جلاد يجلد بلا رحمه كل ما تطال يده. من أغبى أهداف الأصوليين وأشدها سذاجه مطالبة عودة دولة الخلافه العظمى . من يطالب بالتغيير يجب أن يراعي بأول المقام أن يكون ما يريد تغييره شأنا عكسيا خاضعا للتغيير وهذا لا ينطبق بتاتا على وضع دول عالمنا اليوم . الخلافه كانت جزءا من حقبه سياسيه انتهت بلا رجعه ومستحيل عودتها بمجتمعات دول عالمنا اليوم المتباينه ليس فقط بسبب الحدود الجغرافيه بل حتى فكريا وثقافيا رغم وجود بعض القيم المشتركه كاللغه والدين .العالم كله متجه الى الإنقسام الداخلي بالعديد من الأقطار والدول فعن أي دولة خلافه عظمى يتحدث هؤلاء ؟! متابكي الإستعمار آن الاوان أن يمسحوا دموعهم ويتعاملوا مع هذا الواقع الذي ليس بجديد أصلا . انتهينا من حلم دولتهم العظمى ماذا تبقى لهم ؟ السيطره السياسيه وهذا شغلهم الشاغل اليوم فبعد الزواج الكاثوليكي مع الحكومات التي كانوا لوقت قريب أبواقا لها تحت راية طاعة ولي الأمر اصبحوا اليوم المعارض الصنديد المزايد على الحريات السياسيه والنهضه التنمويه .بقي السؤال الأخطر ماذا بعد السيطره السياسيه ؟ اتوقع ان اجابة هذا السؤال واضحه بمطالبات مشايخهم التي نقول اليوم انها من المستحيل أن ترى النور.

بالختام أقول يا شعوب العالم العربي استيقظوا انهم يكذبون عليكم وكذبهم سيتحول لا محاله الى واقع جديد يلحق الضرر بالجميع . خذوا العبره من ايران التي كفر شعبها بالحريه السياسيه يوم اختار ثورة الملالي الرجعيه التي وعدته بالحريه السياسيه ثم قمعتها كما قمعت باقي الحريات . لا تقولوا هؤلاء شيعه وفقهنا مختلف النماذج السنيه بنفس المركب ان لم تكن أسوأ كما هو حال طالبان فالأصوليه واحده لا تعرف دينا أو طائفه .