ماذا تريد المجتمعات الأصوليه من الليبراليين
تكلمنا بالمقال السابق عن مطالب بعض الليبراليين للمجتمعات الأصوليه اليوم سنتكلم عن مطالب المجتمعات الأصوليه لليبراليين او بالأصح ما قد اجبرت المجتمعات الأصوليه الليبراليين عليه.
1-تحريف المبادئ الليبراليه والعلمانيه كي تتماشى مع طبيعة المجتمع الاصولي:
الفكر الليبرالي والعلماني فكر غربي بالأساس جاء من دول غربيه ويطبق هناك بحذافيره على مستوى المؤسسات المدنيه لذلك نجد ان الأفراد قد تشبعوا بمظاهره فيه وأصبحت من جزءا من حياتهم وفكرهم دون الحاجه كي يقرأوا عنها. الليبراليون العرب يريدون ربط الليبراليه بالصراع العربي الإسرائيلي والقوميه العربيه كي يثبتوا ان علمانية وليبرالية الغرب غير عادله وياخذوها ذريعه ليحرفوا الفكر الليبرالي كما تشتهي اهواؤهم أقل ما يقال عن هذا المنطق أنه منطق غبي .فالفكر الليبرالي ليس يوتوبيا خالصه تقدس وتخلد بل اداة تستخدم لتطوير المجتمع .عندما نستورد التكنولوجيا من الغرب لسنا بحاجه كي نغيرها لتتلائم مع طبيعة مجتمعنا الأصولي نفس الشيء ينطبق على الفكر الليبرالي هو اداة لتسهيل الحياة وليس الغايه من الحياة . أيضا أكثر من يتبنى مفاهيم التسامح الإسلامي ,الوسطيه والإعتدال الديني هم الليبراليون العرب و وصل الأمر لبعضهم بربط الليبراليه بمذهبه الديني كي يبين مدى تطرف وتزمت المذهب المضاد.عندما نتعصب عرقيا , دينيا او مذهبيا فنحن هكذا قد نقضنا أبسط بديهيات الفكر الليبرالي وهذا ما لا يستوعبه جماعة الإسلام الليبرالي الذين يبررون مشروعية مفهوم دين الدوله ومذهبها ضاربين بعرض الحائط مفهوم العلمانيه الأساسي.
2-حصر طرح الليبراليين بالسياسه المحليه :
هنا لست بحاجه أن اذهب بعيدا الشعب لدينا بالكويت يشتكي طوال السنه من الاصوليين وطرحهم المتزمت وبدلا من انتهاج منهج اجتماعي لكي يحل هذه المشكله نجده يصوت تلقائيا ونفسيا لحليقي اللحى كأنهم يمتلكون العصا السحريه التي ستقضي على الأصوليه.هنا انا لا أحصر الليبراليه على أشخاص لكن الواقع يقول لا يوجد لدينا نواب ليبراليين تحت رايه ومنهج ليبرالي .من المؤسف أن يكون لدينا الحشود من العقول المنفتحه التي تؤمن بحرية الرأي وبعض المبادئ الليبراليه لكنها تقيد نفسها بإطار سياسي محلي لا تريد الخروج منه كي تواجه الأصوليين بالشكل الذي سيحقق نصرا اجتماعيا.النصر الإجتماعي و المدني أهم بكثير من النصر السياسي . لنأخذ على سبيل المثال حالة مطالبة التحالف الوطني لإلغاء قانون منع الإختلاط . بغض النظر عن نظرة رجل الشارع للتحالف كتيار قائم على البرجوازيه المطالبه بحد ذاتها مشروعه ومطلب حر لكن التيار الوطني لم يهيء المجتمع لها . نفس الشيء يتكرر اليوم عندما تطالب القوى السياسيه الأنفتاحيه بحربة الرأي تنسى انها نتيجه التغير الإجتماعي الذي نريد وليست التغيير الإجتماعي ذاته.لن نستطيع الفوز بجائزه دون الدخول بالمنافسه وفي هذه الحاله المواجهه الإجتماعيه مع الأصوليين.
3-تأجيج الصراع الليبرالي/الليبرالي تحت ذريعة المزايده أيا كان شكلها:
هذا واقع نعيشه يوميا . فأصحاب الفكر الليبرالي يتفنون بالمزايدات وتراشق التهم فيما بينهم ودائما وراء هذا أشخاص طفيليين لا علاقة لهم بالليبراليه والحريه . لاحظوا الليبراليين الذين يؤيدون مفهوم دين الدوله ومذهبها وينصبونها ذريعه للتهجم وازدراء الآخر من يصادقون ويحاورون ؟ الطائفيين والمتزمتين .كذلك الليبراليين الذين يزايدون على مفهوم الوطنيه لا يختلفون أصوليه وتطرفا فالذين يختزلون الوطنيه بالموالاة لأصنام بشريه يسمونها "رموز معارضه" ويلقبون كل من يخالفهم بالفداوي والحكومي هم عناصر تأزيم بالمعسكر الليبرالي فالليبراليون أهل فكر وحوار وليسوا اهل جعجعه وعجرفه .عزيزي الليبرالي اختلفت معك عقائديا ما المشكله ؟ وطنيتك عيار 24 ووطنيتي عيار 20 ما المشكله ؟ هل سألغي رأيك واعتبرك عدو ؟ او اتجاوز الإختلافات واكون معك تيار قائم على وحده فكريه متماسكه؟الواقع يقول أن الليبراليين قد اختاروا الخيار الأول ويبدو انهم لن يفكروا بالثاني , فكفة المزايده قد أصبحت اثقل من كفة الفكر والنهج.
4-تقييد الليبراليين بإطار المدافع عن القوانين والنصوص :
الليبراليين عموما والكويتيين خصوصا أكثر من يستحق لقب “ Boy scout”
تجدهم قد اهملوا بطروحاتهم وانشطتهم كل الجوانب السلبيه بالبلد والهيمنه الاصوليه وباتوا يرددون كلمتي "القانون" "الدستور " هؤلاء إما ان يكونوا مخالفين للقوانين واللوائح أنفسهم لذلك يحسون بتأنيب الضمير او انهم بسبب الخنوع والخوف من مواجهة التيار الأصولي قد وجدوا ان المزايده على القوانين تحقق لهم مكسبا سياسيا واجتماعيا. لا يوجد فكر متحضر بالعالم قائم على انتهاك القوانين او تاييد ذلك لكن الإفلاس الفكري الذي يعاني منه الليبراليين قد اجبرهم على اختيار هذا الوتر للعزف عليه الى ان وصلوا لدرجة النشاز .هناك فرق كبير بين المخالفه القانونيه كإنتهاك وجنحه ومعارضة التشريع والمطالبه الفوريه بتغييره كما يتناسب مع الفكر الحضاري. الليبرالي قبل تسخير جهوده لتطبيق القوانين عليه السعي أن تكون نلك القوانين عادله تحترم الإنسانيه والتعدديه بشتى المجالات الحياتيه والأهم من ذلك أن لا تحارب تلك القوانين مبادئ الحريه التي يؤمن فيها وإلا وقع بتناقض شديد وهذه النتيجه التي تريدها المجتمعات الأصوليه. الدفاع الأعمى عن القوانين دون تحكيم العقل , المنطق والنهج الإنساني يجعل الفرد شخصا نصيا يعامل القانون كأنه نص مقدس ديني بالتالي لا يصبح هناك فرق بين الليبرالي والأصولي.
ختاما