نحن والآخر
كثيرا ما يكرر البعض اسطوانة "احترام الآخر" خصوصا أصحاب التوجهات الهلاميه الذين يستخدمون هذه العباره دوما كي يستروا تناقاضاتهم عندما يواجهون أصحاب الفكر بالمناظرات والحوارات . بهذا الموضوع سأتكلم عن "الآخر" وماهو المطلوب من الطرف المعارض أو المختلف كي نصنفه على أساسه "آخرا" نأخذ بآرائه وننقاشها .
كي نطلق على احد صفة "الآخر" هناك شروط بديهيه تجعله مؤهلا لهذه الصفه فعلى سبيل المثال الحيوان لا يمكن أن نطلق عليه آخرا رغم انه يتكلم ويتصرف بناءا على غرائزه ويمتلك أحاسيس ومشاعر يتصرف على اساسها لكنه يفتقد المنطق والعقل وهما شرطين اساسين يجب أن يلتزم فيهما "الآخر" . طبعا معظم البشر يمتلكون العقل والمنطق لذلك عندما يختلفون مع غيرهم تجدهم يختلفون بشكل حضاري بإستثناء القليل منهم تجدهم اقرب للحيوانات بتعاملهم مع من يختلفون معه بأي مجال فهم يشتمونه ؛ يستهزؤون فيه ويسفهون رأيه .
"الآخر" عليه احترام النظام المدني الإنساني الذي يلزمه بالإيمان بالتعدديه والإختلاف بشكل حضاري وان كان يظن ان من حقه فرض آرائه على الآخرين بأسلوب سوقي مزدريا كراماتهم فهو مجرم وكل ما يقوله وما يفعله لا يغفر له جريمته بحق الإنسانيه والتحضر. قد يقول بعضهم هذه حرية رأي أرد عليهم واقول منذ متى أنتم تؤمنون بحرية الرأي كي تحاججونا بها ؟ عدم ايمان هؤلاء بحرية الرأي وممارساتهم المنحطه تحت ذريعة حرية الرأي لا يلغي حقيقة أن حرية الرأي لا تسمح بالشخصنه واستباحة كرامة الآخرين نناقش نختلف نعم نسفه نسيئ لا وكل القوانين المتحضره بالعالم تنص على هذا الشيء .
هل "الآخر" مطالب ان يكون علمانيا ليبراليا كي نصنفه آخرا؟ طبعا لا فهذه اتجاهات فكريه يختارها المرء بإرادته بالغرب على سبيل المثال يجهل الكثير من الناس ماهية هذه المبادئ بل يوجد هناك منهم التقليدي ؛ المحافظ واليميني لكن هؤلاء جميعهم بأي حال من الاحوال لا ينتهكون حريات غيرهم أو يستحقرونهم بسبب خياراتهم سواء كانت تلك الخيارات عقائديه ؛سلوكيه او سياسيه . من يؤمن بالتعدديه هو ليس بالضروره ليبرالي أو بحاجه أن يكون ملما بادبياتها الفكريه كي يكون طرحه عقلانيا متحضرا يستحق ان نلقبه على أساسه "آخر" .
في هذا المجتمع وبقية المجتمعات الإسلاميه تم ترسيخ قيم التطرف والإقصاء الديني والعرفي للأفراد لدرجة أن بعضهم مهما تعرض لأي متغيرات ثقافيه أخرى سيظل قمعيا لا يؤمن بالتعدديه هؤلاء مع احترامي لشخوصهم كبشر إلا إنني لست ملزما أن أصنفهم "آخرين" فكريا. فالآخر يتحاور ويناقش بشكل حضاري لا يشتم او يمارس الإقصاء والبلطجه ضد من يختلف معه وهو ملزم ايضا بإحترام كرامة المختلف عنه فكريا وان اختلف مع آرائهم كلها . سمة التعدديه وتقبل "الآخر" غير متوفره بهذه المجتمعات التي تظن أن استهلاك تكنولوجيا الغرب أو السفر الى هناك وغيرها من صور الإختلاط الثقافي سيغيرها فكريا ويحول عقولها الإقصائيه الى عقول متسامحه . افراد هذه المجتمعات كما قلنا سابقا يعيشون أزمة هويه فهم يمارسون أبشع صور القمع والإقصاء وبنفس الوقت وبكل وقاحه واستخفاف بعقول الآخرين يقولون انهم مع الحريات !
صعب ان يعترف مجرم بجريمته نفس الشيء ينطبق على هؤلاء الذين يدفعهم نفاقهم وتناقضهم الهلامي الى الهجوم على أي طرف فكري سواء كان تنويريا علمانيا أم أصوليا إسلاميا . هجوم هؤلاء على التنويريين ليس سببه الرئيسي انهم ضد التنوير والإنفتاح فهؤلاء يدركون تماما ان التنوير العلماني المدني هو الإتجاه الفكري الصحيح الذي سيحقق التعدديه والمساواة العادله بالمجتمع لكنهم بنفس الوقت مدركين ان التنويريين قله عدديه بهذه المجتمعات فبالتالي التحالف الفكري معهم لن يحقق أي انجاز سياسي والدليل على ذلك لاحظوا تكراراهم العبارات مثل " أبراجهم العاجيه ؛ "محتقري العامه والمتعالين عليهم" ؛ "مثقفي السلطه" عندما يتهجمون على التنويريين . بنظري هذه المناوره مكشوفه وقد فضحت أصحابها الهلاميين الذين قرروا ان يبقوا على حالهم بلا مبادئ او الفكر فالفكر والمبدأ خصوصا التنويري العلماني سيجلب لمعتنقه اعداءا أكثر من الأصدقاء وهؤلاء يهمهم الكم وليس الكيف فالكم هو المطلوب سياسيا وليس الكيف .
ختاما
أن الآخر الذي يختلف معي سواء كان ذلك سياسيا ، فكريا أو اجتماعيا بإحترام وتسامح أعتبره صديقا يستحق مني الإصغاء والتفاعل . اما الذي يشتم ويقمع الحريه تحت اي ذريعه سواء كانت دينيه ؛ اجتماعيه أو سياسيه فهو لا يستحق لقب "آخر" لأنه بنظري عدو والعدو ليس "آخر" وليعلم هؤلاء أننا كنا ولازلنا و سنظل اعداءا لكل من يعادي حريات الآخرين .