تجديد الفكر الديني
الكثير من المثقفين العرب على إختلاف ايدولجياتهم السياسيه يرددون هذه العباره بدون اعطاء تفاصيل دقيقه عن مقصدها .الفكر الديني هو فكر إعتقادي قائم على الإيمان الغيبي دون الحاجه الى أدله وبراهين .
الأديان بشكل عام تعتبر علاج نفسي للكثير من الناس خصوصا الذين يعتبرون الحياة رحله شاقه وظالمه ويرغبون بتعويض ولو كان نفسيا على الأقل.الكلمتين الرئيسيتين التين تميزان الأديان هما الروحانيه والدوغماتيه .
الروحانيه ليست مفهوما سيئا بحد ذاتها فهي تهدف بأغلب الأحيان لضبط النفس وابعاد عقل الإنسان عن مظاهر الماديه القبيحه للإرتقاء به فكريا بعالم مجهول الهويه لا يتبع قوانين الطبيعه التي نعرفها.من وجهة نظري الشخصيه الروحانيه ليست قبيحه ولا جميله بل اختيار نفسي يحق للكل أخذه أو تركه .
ماذا عن الدوغماتيه؟ الدوغماتيه هي أقدم وابشع وسيله من وسائل قمع الراي الآخر وممكن اختصارها بجملة الفيلسوف توماس أكويناس الخالده "ان كان خصمنا لا يؤمن بالوحي المقدس اذا الوسيله الوحيده المقنعه لإثبات البنود الدينيه ردا على إعتراضاته (ان وجدت) بالقول أنها ضد الدين" , صدقت يا توماس وما الواقع الذي نعيشه اليوم إلا إثبات على ذلك.لنرى حال الناس اليوم وخصوصا شعوبنا الإسلاميه .
ماذا يقول الإسلاميون اليوم:
الفنانون ومتذوقي فنهم كفار ضد الدين .
داروين ونظرياته العلميه كافره وكل من يؤيدها ملحد.
الإقتصاد الغربي كافر لابد من انشاء نظام اقتصاد اسلامي .
الفلسفه كفر والحاد .
الإنترنت يجب أن يراقب لأنه هناك مواقع اباحيه ومواقع تسئ الى الإسلام.
يجب أن نقاطع الغرب والدنمارك الكفره لأنهم يؤمنون بحرية الرأي وتطاولوا على رسولنا .
والقائمه تطول ولا تنتهي ولن تنتهي .سؤال يطرح نفسه أليست كل هذه الامور ماديه بحته؟ ما علاقة الدين بالفلسفه , وما علاقته بالأحياء وما علاقته بالفن وما علاقتة بحرية الرأي ؟هذه الأمور كلها ظهرت بعده ولا لها علاقه فيه لا من قريب ولا من بعيد .
الواقع يقول أن الدنيا تتغير وتتغير معها العديد من النظم والضوابط الدوليه التي يلتزم فيها العالم اما الأديان ان تدخلت بهذه الامور فسوف تحرج نفسها وتضعف موقف مؤيديها وأهل الدجل العلمي بالقرآن (الإعجاز العلمي بالقرآن ) هم احدى تلك الفئات التي تسيئ الى الدين أكثر من ما تفيده .العلم وما أدراهم ما العلم الذي يقضي فيه الناس دهور من عمرهم بالبحث والتجريب كي يثبتوا لنا شيئا يبدو لنا تافها وبلا معنى . البحث والتجريب لا يمكن الرد عليه بآيات وسور فهو مدعم بالبحوث والنتائج الملموسه الخاضعه للتفنيد بنتائج وبحوث أخرى أما الآيات فهي مجرد نص تم تفسيره سابقا ومن المشين والقبيح ادعاء ان الآيه الدينيه قد توصلت لذلك قبل العالم .
أهل الإعجاز ان كانوا يملكون ذرة من الأمانه العلميه لأسسوا لنا نظريات علميه بناء على كلام القرآن وليس كما يفعلون اليوم ينتظرون النظريه العلميه ثم يتلاعبوا لغويا بدجلهم المعهود ويغيروا التفسير كي يتناسب مع كلام النظريه لإدعاء الأسبقيه بالإكتشاف.
لا يقتصر قتل الروحانيه الدينيه بالتطاول على العلوم البحته م فالإسلام السياسي صوره قبيحه أخرى من قتل الروحانيه بالدين ولا أتوقع اني بحاجه الى أمثله فإنتخابات برلمانيه ومجلس مؤهل معظم أفراده طول لحاهم وغلوهم وتزمتهم الديني خير دليل .
الدوغما الدينيه ممكن استخدامها تجاريا كذلك والقليل القليل جدا من الناس القادر على تمييز الإستغلال دون أن يدخل حالة غسيل المخ وفقدان العقل والتفكير.
زميل لي أيام الدراسه لم يفلح وكاد يطرد أصابه هوس الدوغما وقام يهذي بأن ما ندرسه بالجامعه بلا معنى فالقرآن والعلم الشرعي فيه كل ما نريد وأكثر .هذه هي الدوغما الدينيه والخداع الكاذب الذي تريد تسويقها لمن فقد الأمل والإراده كيف سيوفر القرآن والعلوم الشرعيه المستقبل والوظيفه ؟ إلا ان كان الزميل يريد أن يمشي بدرب الدعوه الشبابيه ويختلس أموال التبرعات هذا موضوع آخر.
لماذا نطالب كما يطالب غيرنا بتجديد الفكر الديني؟ لأن الفكر الديني اليوم بات قائما على الدوغما والماديه وابتعد أميالا عن الروحانيه . سياسه , إقتصاد , إجتماع , فن , علوم وتكنولوجيا ....الخ ماذا يريد الدين بالضبط؟ والى متى معتنقيه يستنكرون ويشجبون فتواي فقهائهم التي تمادت بإستغفال العقول والضحك عليها عندما تحرم وتكفر أمور ماديه تافهه كمسلسل تلفزيوني .